فقاموا كلهم فسجدوا لغراب فقال: ما علمت أنه يبلغ بكم من الجهل أن تعبدوا أسود طمطمانياً، أقسمت لأهجرنكم، ثم قال: وكيف أُنغص عيشي في يومي هذا بالبعد عنكم، أنا أحنث وأكفّر عن يميني، ثم قال:
كفّرْ يمينَكَ يا غرابْ ... ودع التقاضيَ في الشرابْ
وارجعْ إلى غُرَرِ الأنا ... م وكلِّ مختارٍ لباب
واشربْ على الدرِّ الذي ... يأتيك من نَثِر السحاب
درٌّ تجمد في الهوا ... ء وفي مساقِطِهِ يذاب
ثلجٌ أتاك مبرداً ... قلبَ المحبِّ عن التصاب
فإذا تجمد مطفئاً ... جدَّ الهوى لك في التهاب
وارفضْ مقالَ العاذلي ... ن وعدِّ عن جلِّ العتاب
واصمم عن القولِ الذي ... لا يُشْتَهَى ودعِ الخطاب
واركب هواكَ فإنه ... رغمٌ لعذّالٍ غضابْ قال شرف الدين: فأخذ ابن المعتز أبياته الضادية فأغار عليها، وربما رويت لغير ابن المعتز، فقال (١) :
ذهِّبْ كؤوسك يا غلا ... م فانَّ ذا يومٌ مفضَّضْ
الجو أحلى بالبيا ... ض وفي حليِّ الدرِّ يعرض
أظننتَ ذا ثلجاً وذا ... درٌّ من الأغصانِ ينفض
وردُ الربيعِ مورد ... والوردُ في كانونَ أبيض فزاد في أبياته بقوله " ذَهِّبْ كؤوسك " ليذكر الفضة والذهب.
٨٨٣ - ولبعض المحدثين:
ويومٍ واضحِ اللّون ... وضوءُ الشمسِ مستورُ
له جيبانِ من ثلج ... فمحلولٌ ومزرور
ووجهُ الأرضِ مبيضٌّ ... عليه الثلجُ منثور
كأنَ الغيمَ كافورٌ ... وظهر الأرض كافور
(١) وردت في ملحق ديوان ابن المعتز ٣: ٣١٥ ونسبت له في قطب السرور: ٦٣٥ ووردت للصنوبري في ديوانه: ٢٥٥ ونثر النظم: ١٤١ ومن غاب عنه المطرب: ٤٦ وزهر الآداب: ٨٧٠.