للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩٤٨ - ابن الدمينة (١) :

هوى صاحبي ريحُ الشّمالِ إذا جَرَتْ ... وأهوى لقلبي أن تهبَّ جنوبُ ٩٤٩ - كان (٢) للبحتريّ غلام يقال له نسيم، وكان بديع الجمال، وحفَّظه البحتري فنون العلوم وروَّاه الشعر، فصار واحد دهره، وكان البحتري إذا أعسر باعه، وإذا أيسر شكا حبّه ووجده به بالشعر إلى أن يُرَدَّ عليه، وكان هذا دأبه، فباعه على الحسن بن وهب. ولم يزل يمدحه ويذكر وجده وتأسّفه عليه إلى أن طال ذلك عليه، فكتب إليه:

أنسيمُ هل للدهر عهدٌ صادقُ ... فيما يؤمّله المحبُّ الوامقُ

ما لي فقدتك في المنامِ ولم تزلْ ... عونَ المشوق إذا جفاهُ الشائق

أَمُنِعتَ أنت من الزيارةِ رقبة ... منهم فلمْ مُنِعَ الخيالُ الطارق

اليومَ جاز بي الهوى مقدارَهُ ... في أهله وعلمتُ أنّيَ عاشق

فليهنئ الحسن بن وهبٍ أنّه ... يلقى أحبَّته ونحن نفارق فقال الحسن بن وهب: أريحوني من البحتري، ورده عليه؛ فأخذه وأقام عنده مدة،. ثم أباعه على إبراهيم بن المدبّر، فحظىَ عنده وتمكَّن من قلبه، وجعل البحتريّ يقف له في الطرق ويرفع إليه الرقاع، ويستعطفه بالشعر، وبلغ ذلك إبراهيم فأمره أن لا يركب معه، وأن يلزم داره، وتقدّم بأن تُزاح كلّ علّة له، ولا توصل إليه رقعة من البحتري، ولا يدخل إليه، فأضرَّ ذلك بالبحتريّ، ولم يجد حيلةً لإيصال رقعة إليه إلاّ من جهة سقّاء كان يدخل دار الوزير، فأعطاه دراهم كثيرة، وسأله إيصال رقعته إلى نسيم، فأخذ الدراهم والرقعة، ودفعها إلى نسيم وفيها (٣) :

قل للجنوبِ أذا جريتِ فبلّغي ... كبدي نسيماً من جَنابِ نسيمِ

أَخُدِعْتُ عنكَ وأنت بدرٌ كاشف ... لليل من غَسَقٍ به يحموم

وأقمتَ في قلبي وشخصُكَ بائنٌ ... لا تبعدنْ من ظاعنٍ ومقيم


(١) لم يرد في ديوانه، والبيت في الأغاني ٣: ١٧١، ٢١٠ لبشار بن برد وفي ديوان المجنون: ٥٨ وورد في الزهرة: ٢٢٢ وشرح المختار: ٨٤ ونهاية الأرب ٢: ١٥٨ دون نسبة.
(٢) أخبار البحتري: ١٢٤ والديوان: ١٥١٣ وابن خلكان ٦: ٢٦ والأبيات في الزهرة: ٢٦٥.
(٣) الديوان: ١٩٩٤ والزهرة: ١٨٣.

<<  <   >  >>