للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَرُمَ الزمانُ ولمتُ فيك ولن ترى ... عجباً سوى كرمِ الزمان ولومي

وظلمتُ نفسي جاهداً في ظلمها ... فاسمعْ ندامةَ ظالمٍ مظلوم

لا كان صبري أين كان وأنت لي ... ملكٌ وعهدي منك غيرُ ذميم

الآن أطمعُ في الوصال ودونه ... عينُ الرقيب وبابُ إبراهيمِ فقرأ الرقعة ورقّ للبحتري، وبكى بكاء شديداً، ودخل عليه إبراهيم الوزير فرآه كذلك فقال له: ضع يدك على رأسي وأصدقني، فدفع إليه الرقعة، فاستحسنها وقال: أتحبُّ أن ترجع إليه فقال: كيف لا أُحبُّ الرجوع إليه، وهو ربّاني وأدّبني وبتأديبه وصلتُ إلى خدمتك؟! فقال إليه إبراهيم: لله درّك، ثم أتى البحتري فقال له: قد فتحنا لك الباب، وصرفنا الرقيب، ونسيمٌ موهوبٌ لك، وجميع ما يحتوى عليه ملكه من مالٍ وبزٍ وكراع، ولكن على شرط، إنه وحقّ رأس أمير المؤمنين إن بلغني أنك بعته بعد هذا لأسترجعنّ منك جميع ما صار إليك ولآمرنّ بقتلك، قال: لك ذلك، فأخذ الغلام وجميع ما كان له، وحلف لا يبيعه أبداً، وكتب إلى الوزير يشكره:

يكلُّ لساني عن مديحك بالشعر ... وأعجزُ أن أجزي صنيعكَ بالشكرِ

فإن رمتُ شعراً كنت فيه مقصراً ... وإن رمتُ شكراً حرتُ فيه ولا ادري

على أن ما تولي وتبلي وتبتلي ... بقدرك والتقصيرُ فيه على قدري الشمال:

٩٥٠ - روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: لا تسبُّوا الشمالَ فإنّها تقتلُ الأفعى وتخرج أنف الربيع، ويجيء بعدها النتاج والثمار وتغيّر خبث نفس الإنسان.

٩٥١ - سُحَيم العبد (١) :

وهبَّتْ شمالٌ آخرَ الليل قَرّةٌ ... ولا ثوبَ إلا درعها وردائيا

فما زال بردي طيباً من ثيابها ... إلى الحولِ حتى أَنهجَ البردُ باليا


(١) ديوان سحيم: ٢٠ والغزولي ١: ٥٠.

<<  <   >  >>