للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن كانت الشجر عظاماً كانت له جراثيم، وإن كانت صغاراً ساوى التراب غصونه، ولا ذرى للجنوب، ترى ما يلي الجنوب منها عارياً مكشوفاً منحفراً.

والشمال تُذَمُّ بأنها تقشع الغيم وتجيء بالبرد، ويُحْمَدُ منها أنها تُمسك الثرى، وأنها صاحبة الضباب، تصبح الأرض منها كأنها ممطورة، والغصون تنطُفُ، وأكثر ما يكون ذلك عن غب المطر، فإذا ارتفعت الشمس ذهب الندى، وانقطع الضباب.

والشمال أدوم الرياح في الشتاء والصيف.

١٠٠٨ - الدّبور: مذمومة في الشتاء والصيف، وهي إحدى الهيفين، إلا أنها قليلة الهبوب، قالت العلماء: ما أهلك الله قوما إلاّ بالدّبور.

١٠٠٩ - النكباء: ليس من الرياح شيء أكثر عجاجاً ولا أكثر سحاباً لا مطر فيه، وهي هيف تيبسُ الأرض، ويحرق العود من النكباء التي بين الدَّبور والجنوب التي تجيء من مغيب سهيل.

١٠١٠ - وخاصة الريح في الحكمة - أيّ ريح كانت - إذهاب النتن والعفن من الموضع الذي يكون فيه أي موضع كان من العالم. روي عن مطرّف أنه قال: " لو حبس الله عزّ وجلّ الريح عن الناس ثلاثة أيام لأنتن ما بين السماء والأرض ".

١٠١١ - أبو إسحاق إبراهيم بن علي الأنصاري الحصري من إفريقية (١) :

ولقد تنسَّمْتُ الرياحَ لعلَّني ... أرتاحُ أنْ يبعثن منكِ نسيما

فأَثَرْنَ من حُرَقِ الصبابةِ كامناً ... وأَذْعَنَ من سِرِّ الهوى مكتوما

وكذا الرياحُ إذا مررنَ على لظى ... نارٍ خَبَتْ ضرَّمنها تضريما ١٠١٢ - قال شرف الدين المصنف: رأيت أهل المشرق يستغربون لابن قسيم - شاعر مشرقي - أبياتاً يزعمون أنه ابتكر معناها وهي (٢) :

روَحني عائدي فقلتُ له ... مه لا تزدني على الذي أجدُ

أما ترى النارَ كلّما (٣) خمدتْ ... عند هبوب الرياحِ تتقد


(١) الذخيرة ٢/٤: ٥٩٣.
(٢) ورد البيتان للمصحفي في تشبيهات الكتاني: ٢٤٧.
(٣) التشبيهات: وهي جامدة.

<<  <   >  >>