١ - فالصبا الريح الشرقية الهابة من حيث تطلع الشمس، وهي أعدل الرياح عند الأطباء، ومع كونها معتدلة تميل إلى الحر واليبس، واعتدالها لأن الشمس لا تقاطعها فتكون باردة، ولا تواصلها فتكون حارّة، ولاعتدالها تجعل الأبدان معتدلة، والأجسام صحيحة، والقوى قويّة، وألوان أهلها بيض مشربة حُمْرةً.
٢ - والدبور هي الريح الغربية الهابة من حيث تغرب الشمس وهي تشبه الصَّبا لمساماتها لها، إلا أنها مضطربة مع ميل إلى البرد واليبس. أما اضطرابها فلأن الشمس لا تلقي شعاعها بالغدوات عليها، فكأنها تستكن (١) البرد بالغدوات والحرّ بالعشيّات.
٣ - والشمأل وجهة مهبّها مائل لجهة الجنوب عن يسار مطلع الشمس، ومزاجها بارد يابس، لبعد ممرّ الشمس عن هذا الموضع، لأن الشمس تصير إليه إذا صارت في فلك أوجها، وهي أبعد ما تكون من الأرض. وفعلها ضدّ فعل الجنوب لأنها تقوّي الأبدان وتصلِّبُها، وتصفّي الأرواح والأخلاط وسائر الحواس، وتصحّح الدماغ، وتقوّي الشهوة والهضم، وتمنع من انصباب المواد.
٤ - والجنوب جهتها عن يمين المستقبل مطلع الشمس، وهي حارة لانحطاط الشمس عن بعدها من فلك أوجها، رطبة لأجل البخار المتحلّل عن البحر العظيم المحيط بها، وهي ترخي الأبدان، وتكدر الحواس، وتهيّج الصداع، وتحرّك نوازل الصرع، وتملأ الدماغ فضولاً، ولا سيّما الأدمغة الرطبة، وتضعف الهضم وتوجب النوم، وتورث الحميّات المعفنة.