للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المصنّف (١) : وهذا التشبيه في المسرجة جيد في مسارج العرب، فإن مسرجتهم قضيب أملس أشبه شيء بقضيب التفاح.

١٢٠٤ - جلس أبو الطيّب المتنبي ليلة عند ابن عبد الوهاب، وابن عبد الوهاب إلى جانب السراج، فأنشد أبو الطيب (٢) :

أما ترى ما أراه أيها الملكُ ... كأنّنا في سماءٍ ما لها حُبُكُ

الفرقدُ ابنك والمصباحُ صاحبه ... وأنت بدرُ الدجى والمجلسُ الفلكُ جعل ابنه وهو قريب من المصباح كالفرقدين.

١٢٠٥ - كان أبو جعفر أحمد بن البنّي (٣) معاصراً لليكي (٤) ، وكلاهما عَلَمٌ في زمانه في الأدب، وكان كل واحد منهما يتمنّى لقاء صاحبه، فرحل كل منهما للقاءِ صاحبه، فاتفق أن وصل البنّي في ليلةٍ مطيرةٍ ذات برد وريح إلى الجزيرة الخضراء بِعَدْوَةِ الأندلس، وقد أمسى، فقصد خاناً وقد أغلق الخاني بابه، فقرع الباب فلم يَفْتَحْ له، ولم يكن قدومه متوقعاً في ذلك الوقت على تلك الحال من المطر والظلام، وألحَّ في طلب البيات، وسأله التجّار أن يفتح له ففتح له، فدخل فلم يجد موضعاً سوى بيت لا عهد له بساكن مدة طويلة، فكنس له فيه موضعاً وأغلق بابه عليه ونام، ثم دُقَّ الباب على الخاني، وإذا بآخر في مثل حاله قد قَذَفَ به الليل والسيل إلى الخان، فضجَّ الخاني، وأقسم أن لا يفتح، وضجَّ الوارد من السيل والمطر وألحّ، ورحمه التجار ورغبوا إليه أن يفتح له، فدخل فأرشده إلى البيت الذي فيه الوارد الأول، فدخل عليه وسلّم وهما في الظلام، فقام له الأول وآثرة بموضعه الذي كنسه لنفسه، وهيّأ له غيره، فعندما أخذا مضجعهما اجتاز بهما الخاني والسراجُ في يده يطوف به زوايا الخان، فدخل عليهما ضوء السراج، فتحركت القوَّةُ الشعرية للبني فقال بديهة (٥) :


(١) في الغزولي: قال شهاب بن أبي حجلة.
(٢) ديوان المتنبي: ٥١.
(٣) هو أبو جعفر أحمد بن عبد الولي البني نسبة غلى بنة من قرى بلنسية، حرقة السيد الكنبيطور سنة ٤٨٨ انظر ترجته في المغرب ٢: ٣٥٧ والتكملة: ٢٤ والقلائد: ٢٩٨ والمطمع: ٩١.
(٤) أبو بكر يحيى بن سهل اليكي عرف بالهجاء، ويكة المنسوب إليها من حصون مرسية (المغرب ٢: ٢٦٦، وصفحات من نفح الطيب) .
(٥) القصة والبيتان في الشريشتي ١: ٣١١ - ٣١٢ (باختلاف) والبيتان في الحلبة: ١٨٤ والغزولي ١: ٩٢.

<<  <   >  >>