للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهم إلى حسن الطاعة، فالمرئيات في النور بينة جداً، ولو خلق الظلمة بعد النور لكان هذا مما يخفي حسن الإنارة، ولكيما لا يصير للذين يعتقدون أن ههنا خالقين متضادين حجة، بأن يكون خالق الظلمة إذا كان يضاد خالق النور لما رآه قد خلق النور ضادَّه بخلق الظلمة.

فهذه آراء اليهود والنصارى بعد إيراد أقاويل المسلمين والمتفلسفين.

١٦ - وأما مذاهب العرب: فإنهم متفقون في كلامهم على تقديم الليل على النهار، وعلى هذا يؤرخون فيقولون: لخمس بقين ولست بقين من الشهر، والعلة الموجبة لذلك عندهم أن الشهر إنما تعلم بدايته بالهلال، فيكون أوله على ذلك الليل. وفي الحديث: " صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته " (١) وفيه: " من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " (٢) فقال ستاً ولم يقل " ستة " فدلّ على أنه صلى الله عليه وسلم جعل بداية الشهر الليل، وإنما أراد بالصيام الأيام، إذ الليل لا يصام. وفى رواية " وأتبعه خمساً من شوال ". ووجه الحديثين أن الحسنة بعشر أمثالها، فشهر رمضان بعشرة أشهر، والستة التي بعده بستين يوماً، فذلك عام كامل. ومن روى خمساً فالشهر بعشرة، والخمسة بعده بخمسين يوماً، فتبقى عشرة منها ستة أيام تسقط بنقصان الشهر وأربعة أيام يوم الفطر وثلاثة أيام التشريق.

١٧ - ولأبي منصور صدرُ معنى مستطرف في تقديم الليل على النهار، يصف سوداء:

عُلّقْئُهَا (٣) سوداء مصقولةً ... سوادُ عيني صفةٌ فيها

ما انكسفَ البدرُ على تِمّهِ ... ونورِهِ إلا ليحكيها

لأجلها الأَزمانُ أوقاتُهَا ... مؤرخاتٌ بلياليها ١٨ - وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال (٤) : " لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس ولا القمر ولا الريح فإنها ترسل رحمة لقوم. وعذاباً لآخرين. وقال


(١) الحديث في النسائي (صيام: ٨) ومسند أحمد ٤: ٣٢١ والجامع الصغير ٢: ٤٧ واتقان الغزي: ١١٤.
(٢) اتقان الغزي: ١٨٧ والجامع الصغير ٢: ١٧٤.
(٣) ص: حمراء.
(٤) في اتقان الغزي: ٢٢٠ ولا تسبوا الريح فإنها من روح تأتي بالرحمة والعذاب، وثمة تخريجه، ولم يرد قوله: لا تسبوا الليل ... الخ، ولكن هذا مضمن في قوله: ((لا تسبوا الدهر)) ويزاد في رواية ((أقلب ليله ونهاره)) .

<<  <   >  >>