للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يعرفُ الليلَ إلا ... إِلفٌ يعانقُ إِلفا وتقول: فلان أنمُّ من الصبح (١) وأقود من الليل (٢) ، ومنه أخذ ابن المعتز قوله (٣) :

لا تلقَ إلا بليلٍ مَنْ تواعده ... فالشمسُ نمّامةٌ والليلُ قَوَّادُ

كم من محبٍّ أتى والليل يستُرُه ... (٤) لاقى الأحبةَ والواشون رُقَّاد وقد حسَّن أبو الطيب هذا المعنى وأزال عنه هُجْنَةَ لفظتي نمام وقواد فقال (٥) :

أزورهمْ وظلامُ الليلِ يشفعُ لي ... وأَنثني وبياضُ الصبحِ يُغْري بي فصار أحقّ بالمعنى ممن أخذه منه، وقال العلماء فيه: أخذ عباءةً وأعطى ديباجة (٦) .

١٢٦ - اجتمع بغرناطة (٧) محمد بن غالب الرصافي الشاعر (٨) ومحمد بن عبد الرحمن الكتندي (٩) الشاعر وغيرهما من الفضلاء الرؤساء فأخذوا في أن يخرجوا لنجد أو لحور المؤمل، وهما من أشرف متنزهات غرناطة، وكان الرصافي قد أظهر الزهد وترك الخلاعة، فقالوا: ما لنا غنىً عن أبي جعفر بن سعيد (١٠) فكتبوا إليه:


(١) المثل في جمهرة العسكري ٢: ٣١٥ والدرة الفاخرة: ١٧٤ والميداني ٢: ٢٠٦.
(٢) المثل في جمهرة العسكري ٢: ١٣٢ والدرة الفاخرة: ١٥٤ والميداني ٢: ٤٨.
(٣) ديوان ابن المعتز: ٩٦ ومن غاب عنه المطرب: ٥١ والمنتخل: ١٩٠ وجمهرة العسكري ٢: ١٣٢.
(٤)
روايته في الديوان: كم عاشق ةظلام الليل يستره ... لاقى أحبته والناس رقاد (٥) ديوان المتنبي: ٤٤٦.
(٦) يرجع هذا الحكم في أصله إلى أبي الفتح ابن جني وعنه نقله الآخرون، انظر اليتيمة ١: ١١٥ والشريشي ٢، ٢٤٤.
(٧) انظر هذه القصة في نفح الطيب ٣: ٥١٣.
(٨) الرصافي البلنسي من أشهر شعراء الأندلس في عصره (- ٥٧٢) ؛ انظر مقدمتي على ديوانه وفيها اعتماد على مصادر ترجمته.
(٩) هو أبو كبر الكندي من شعراء زاد المسافر (٥٩) وكتندة من كورة سرقسطة، توفي في حدود ٥٨٤؛ وله ترجمة في التكملة والمغرب وانظر صفحات متفرقة من نفح الطيب.
(١٠) هو أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن سعيد صاحب حفصة الركونية وعم ابن سعيد صاحب المغرب، كان وزيراً لعثمان بن عبد المؤمن والي غرناطة. له ترجمة في المغرب ٢: ١٦٤ والإحاطة ١: ٩٤ وانظر صفحات متفرقة من نفح الطيب.

<<  <   >  >>