للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الذي أبدع فيه، وخالف الشعراء في أُنسِهِ بالليل والكواكب، وبكائه عليهما، وتوجُّعه لفقدهما، وجميع الشعراء مَهْيَعُهُمْ شكوى الليل وطوله، والتوجع لرعي النجوم. ووصف الليل والنجوم مما انفرد ابن طباطبا بالاجادة فيه، كأبي نواس في الخمر، وابن المعتز في التشبيه، والصنوبري في صفات الربيع، والبحتري في طيف الخيال، وأبي تمام في البديع والرثاء (١) ، وابن حازم في القناعة، وأبي العتاهية في الزهد، وابن الرومي في الهجو، ومحمود الوراق في الحِكَم، والمتنبي في المدح والأمثال، والحمدوي في طيلسان ابن حرب، والمعري في الدّرع، وعمر بن أبي ربيعة في النسيب، وكشاجم في الأوصاف النادرة (٢) ، ومحمد بن هانئ في وصف الحرب وأدواتها، والسريّ الموصليّ في وصف شعره، وأبي العباس الخازن في الاعتذار والاستعطاف، وطياب (٣) في الحمار، وابن الحجاج في المجون، وأبي حكيمة راشد ابن عبد القدوس في رثاءِ ذَكَره؛ ومن المتقدمين امرو القيس في وصف الخيل، والنابغة في الاعتذار، والأعشى في الخمر، وزهير في المدح، والشمّاخ في وصف الاعسار، وذي الرمة في وصف الفلواتِ والهواجر، وشعراء (٤) هذيل في القسيِّ والنبل، والفرزدق في الفخر. فهؤلاء الشعراء وَقَفَ كلٌّ منهم قريحته على اجادة الفن المذكور عنه، وفتح له فيه مالم يفتح لغيره.

١٢٤ - وذكر ههنا طبقات الشعراء فقال: الشعراء خمس طبقات: الجاهلية ورأسها امرؤ القيس، والمخضرمون ورأسهم حسان، والاسلامية ورأسها جرير، والمحدثون ورأسهم علي بن العباس الرومي، وهذه الأسماء واقعة على من جاء بعد هذه الطبقة إلى يوم القيامة. وشعراء الأندلس طبقة واحدة ورأسها أحمد بن عبد ربه.

١٢٥ - والعرب تقول: الليل أخْفَى للويل (٥) ، ومنه قول الشاعر:

الليلُ للويلِ أَخْفَى ... والدمعُ للوجدِ أَشْفَى


(١) ص: والثريا.
(٢) ص: والنادرة.
(٣) هو طياب السقاء شاعر له مقاطيع في حماره الهزيل ويقال أن الشعر لأبي غلالة المخزومي (ثمار القلوب: ٣٦٦ والتاج " طيب ") .
(٤) لعله يشير إلى أبي كبير الهذلي من بينهم.
(٥) انظر هذا المثل في جمهرة العسكري ٢: ١٨١ والفاخر: ١٩٥ وفصل المقال: ٦١ والميداني ١: ٩٤ والحيوان ١: ٢٨٥.

<<  <   >  >>