للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تهامة، وهوازن قد كمنت في جنبتي الوادي، وذلك في عماية الصبح (١)؛ فحملوا على المسلمين حملة رجل واحد، فولى المنهزمون لا يلوي أحد على أحد، فناداهم رسول الله فلم يرجعوا، وثبت مع رسول الله : أبو بكر، وعمر، وعلي، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وجماعة من غيرهم؛ والنبي على بغلته البيضاء، واسمها: دلدلن والعباس آخذ بحكمتها (٢)، فأمره النبي أن ينادي: يا معشر الأنصار! يا معشر الأنصار! يا معشر أصحاب الشجرة (٣)! وكان العباس جهير الصوت جداً، وروينا أنه أمره أن ينادي: يا معشر المهاجرين، بعد ذلك.

فلما نادى العباس بمن ذكرنا، وسمعوا الصوت، ذهبوا ليرجعوا، وكان الرجل منهم لا يستطيع أن يثني بعيره لكثرة المنهزمين، فيأخذ درعه فيلبسها، ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره، ويكر راجلاً إلى رسول الله . حتى إذا اجتمع حواليه منهم نحو المائة، استقبلوا هوازن، واشتدت الحرب بينهم، وقذف الله تعالى في قلوب هوازن حين وصلوا إلى رسول الله الرعب، ولم يملكوا أنفسهم، ورماهم بقبضة حصى بيده، فما منهم أحد إلا أصابته، وفي ذلك يقول جل ثناؤه: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾. [سورة الأنفال، الآية: ١٧].


(١) عماية الصبح: ظلامه قبل أن يتبين.
(٢) الحكة: اللجام، أو هي حديدة فيه تكون على أنفس الفرس، وكانت العرب أيضاً تتخذها من القد.
(٣) في ابن هشام: يا معشر أصحاب السمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>