للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأَتْبَاع للمتبوعين، وانحرفت في جانب آخر من جوانب العبودية وهو أنَّ السادةَ قد يُحرِّمون على أَتْبَاعهم مَا يَشَاءُونَ، وَيُحِلِّلُون لهم ما يشاءون.

أما في الإسلامِ فالمشرعُ هو الله -تبارك وتعالى- فلا ربَّ سواه، ولا عبوديةَ لأحدٍ إلا لَهُ هو.

وهذا معنى رَبانيةِ المصدر.

أما ربانيةُ الوِجهة: فمعناها: أن يبتغي الإنسانُ بعمله ربَّ العزةِ والجلال - سبحانه وتعالى- فالإنسانُ المسلمُ هو الذي تكون أعمالُه كلُّها لله - سبحانه وتعالى- كما قال -جل ذكره-: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام: ١٦١، ١٦٣) هكذا يُعلن الإنسانُ المؤمنُ تَوجُّهَهُ لله -سبحانه وتعالى- في جميعِ أمورهِ، ومن جملتها: منهجه السياسي الذي يسير عليه.

ولعلكم تلاحظون: أن الأمرَ في هذه الآية مُوجَّهٌ للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أولًا: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} وإذا كان إمام الدولة خاتَم الأنبياء والمرسلين -صلوات الله وسلامه عليه- الذي يتلقى الوحيَ من ربه، هو أولُ العابدين لله، هو أولُ الخاضعين لله، هو أولُ المستجيبينَ لله، فلا شكَّ أن غيرَه من بابِ أولى، والعملُ بالنظام السياسي الإسلامي أمرٌ يُتعبَّدُ اللهُ -تبارك وتعالى- به.

فالسياسيُّ المسلمُ هو الذي يسيرُ على شَرْعِ الله، مُخلصًا في ذلك نيتَه لله -تبارك وتعالى- ولا شكَّ أنه مأجورٌ عند الله -سبحانه وتعالى- على عملهِ، ويدل على ذلك حديثُ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي يقول فيه: ((سَبْعةٌ يُظلهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه ... )) وذكر منهم: ((الإمام العادل)).

وفي المقابل فإن مَن أعرَضَ عن السياسةِ الإسلاميةِ وعَمِلَ بخلافِها، فإنَّه ولا شك معرَّضُ للعقوبة من الله -سبحانه وتعالى- ويدل على ذلك قولُ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ما مِن عبدٍ اسْتَرْعَاهُ اللهُ رَعَيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنُصْحِهِ، إلَّا لَمْ يَجِدْ رائحةَ الجنةِ)).

<<  <   >  >>