للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنَّ الإسلامَ هو آخرُ الأديانِ ولا دينَ بعده، فلا بد أن يكون صالحًا لكل زمانٍ ومكانٍ إلى قيام الساعةِ، كما أنَّ بقاءَ المصدرِ الأصليِّ لهذا الدين سليمًا لم يُحرَّفْ دليلٌ قاطِعٌ أيضًا على عالَميةِ هذا الدينِ وأنظمتِه باختلاف أنواعِها.

ويدل على هذه العالميةِ قولُ الحق -تبارك وتعالى-: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (النحل: من الآية: ٨٩) كما يدل على بقاء هذا المصدرِ دونَ تحريفٍ أو تبديلٍ أو تغييرٍ ليلبيَ احتياجاتِ البشر على مدى الأزمانِ والعُصُورِ قولُ الحق -تبارك وتعالى- في القرآن الكريم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: ٩).

الخاصيةُ الرابعةُ من خصائص النظام السياسي في الإسلام: الوسطيةُ:

جاء الإسلامُ وَسَطًا في عقيدتِه، ووسطًا في شريعتِه، وذلك بين الغُلُوِّ والتقصيرِ، وكذلك أيضًا وسطًا في أنظمتِه، ومن جُملتِها: النظامُ السياسيُ في الإسلام، فلا هو نِظامٌ دِيكْتَاتُوريٌّ مُفْرِطٌ، ولا نظامٌ دِيمُقراطيٌّ مُفَرِّطْ، وهو بهذا خيرُ نظامٍ عَرَفَتْهُ البشريةُ.

وسمةُ الوسطيةِ من السماتِ الجليلةِ العظيمةِ لدين الإسلام -تبارك وتعالى- والدينُ الإسلاميُّ وسطٌ في كلِّ الأمور بين الإفراطِ والتفريطِ، وقد وَصَفَ اللهُ -سبحانه وتعالى- هذه الأمةَ بالوسطيةِ في كتابه، فقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة: من الآية: ١٤٣).

والوسطُ هو العدلُ الخِيارُ.

ولهذا، كانتْ هذه الأمةُ وكان هذا الدينُ متميزًا بهذه المَيزةِ الجليلةِ، ألا وهي الوسطيةُ، وبهذا ارتفعَ على جميعِ الأديانِ، وهيمنَ عليها، وهو بحقٍّ دينُ التوسطِ والاعتدالِ، ونحن إذ نُقدِّمُه للبشرية نقدمه بهذه السماتِ والصفاتِ الجليلةِ العظيمةِ الرفيعةِ العاليةِ.

الخاصيةُ الخامسةُ والأخيرةُ من خصائص النظام السياسي في الإسلام: موافقةُ الفِطرةِ:

هذا الدينُ الذي جاء من عند الله -عز وجل- يتفقُ مع الفطرةِ البشريةِ، ويوافقُ

<<  <   >  >>