للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قدراتِ الإنسانِ وإمكانياتِه وحاجاتِه، ولذلك يمكن أن نقولَ بأنَّ الدينَ جاء موافقًا للفِطرة الإنسانيةِ، واللهُ -عز وجل- قد فَطَرَ عبادَه على الإسلام، فَإِذَنْ الإسلامُ -بِناءً على ذلك- يتفقُ ويوافقُ الفطرةَ؛ قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} (الروم: من الآية: ٣٠).

ويقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وآله وسلم- كما في حديث أبي هريرة: ((كُلُّ مَولُودٍ يُولَدُ على الفِطرَةِ ... )) والتغييرُ يأتي على الإنسانِ بعدَ ذلك نتيجةَ المجتمع الذي الذي يعيشُ فيه؛ ولذلك قال: ((فأبَواهُ يُهوِّدَانِهِ، أو يُنصرانِهِ، أو يُمجِّسانِهِ)).

وموافقةُ الفطرةِ في المجالِ السياسيِّ الإسلاميِّ يَظهَرُ في أُمورٍ متعددةٍ؛ الإتيان بالأنظمة والتشريعات السياسية الممكنةِ التطبيقِ في واقعِ البشرِ، فالتشريعاتُ والأنظمةُ السياسيةُ ممكنةُ التطبيقِ في واقع البشرِ، كذلك أيضًا مما يُوافقُ الفِطرةَ في المجال السياسي الذي جاء به الإسلامُ هو أنَّ النظر إلى الحاكمِ في الإسلام على أنه بَشرٌ، له حقوقُهُ، وعليه واجِباتُهُ، ويُنظرُ أيضًا إلى المحكوم على أنَّه بشرٌ، له حقوقٌ، وعليه واجباتٌ، وهذا في الحقيقةِ أيضًا مِن سَمَاحةِ وعَدْلِ الإسلامِ.

هُناك خاصيةٌ أخرى من خصائص النظام السياسي في الإسلام، وهو أنه: نِظامٌ أخلاقيٌّ، ويشمل ذلك أمرينِ:

الأمرُ الأولُ: إتيانُهُ بالتشريعاتِ الأخلاقيةِ الفاضلةِ، وحثُّ الناس على الالتزام بها.

ثانيًا: أنَّ الغايةَ في الإسلامِ لا تُبِرِّرُ الوسيلةَ -كما هو الحالُ في كثيرٍ من الأنظمةِ السياسيةِ.

ومن المُلاحظِ: أنَّ الصِّبغةَ الأخلاقيةَ الظاهرةَ مَيْزَةٌ واضحةٌ للنظامِ السياسيِّ في الإسلامِ عن سائرِ الأنظمةِ السياسيةِ القديمةِ والمعاصرةِ، فالإسلامُ إلى جانبِ أنه أتى بأنظمةٍِ متعددةٍِ راعَى في هذه الأنظمةِ الأخلاقَ الكريمةَ التي جاء بها النبيُّ الأميُّ محمدُ بنُ عبد الله - صلى الله عليه وآله وسلم.

<<  <   >  >>