للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلم أخو المسلم، والإخوة الإيمانية من أعظم الروابط بين المسلمين، وعلى أساسها تكون الموالاة، وقد يشترك المسلم مع أخيه المسلم بروابط أخرى، كرابطة النسب، أو الإقليم، وهذه الروابط غير منكورة، ولا مرفوضة في الإسلام، ولكن بشرط: ألا تحمل شيئًا من الباطل، وألا تعلو على رابطة الإيمان، ومستلزماتها، والرابطة الإيمانية لا تقتضى بحال اضطهاد غير المسلمين، أو إيذائهم، ومن المعلوم أن الإسلام يقبل في عضوية المجتمع الإسلامي غير المسلمين، ويأمر بحمايتهم، فإذا فات غير مسلم رابطة الإيمان، وقوة الدين، فلن تفوته حماية المسلمين، ولن يفوته عدل الإسلام، وبر المجتمع الإسلامي، قال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} (المائدة: من الآية: ٢) وقال سبحانه: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة: ٨).

الأمر الثاني من نتائج اتخاذ العقيدة الإسلامية أساسًا لنظام المجتمع: زوال العصبية، والمقصود بالعصيبة التناصر بالحق والباطل لاشتراك المتناصرين بالنسب -أي نسب القبيلة، أو السلالة، أو الأسرة- وكان هذا المفهوم للعصبية هو الشائع عند العرب قبل الإسلام، فكان أفراد القبيلة ينصر بعضهم بعضًا في الحق وفي الباطل، لماذا؟ لانتسابهم إلى قبيلة واحدة، وقد أنكر الإسلام هذه العصبية، وأمر بنبذها فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((ليس منًا من دعا إلى عصبية وليس منا من مات على عصبية)) وقال -عليه الصلاة والسلام- عن العصبية: ((دعوها فإنها منتنة)).

وبعد أن كان شعار الجاهلية: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا بمعنى: كن بجانبه في الحالين أصبح الشعار في الإسلام: انصر أخاك ظالمًا بأن تمنعه من الظلم، أو

<<  <   >  >>