للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الكلمات: ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه من شيء، فلا يأخذ منه شيئًا، فإنما أقطع له قطعة من النار)).

سمع الرجلان المختصمان هذه الكلمات الهادئة من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فلمست أوتار الإيمان من صدريهما، وأيقظت فيهما خشية الله والدار الآخرة، فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما لصاحبه: "حقي لك" فقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أما إذا فعلتما ما فعلتما فاقتسما، وتوخيا الحق بينكما، ثم استهما، ثم تحالا)).

أي يحل كل منكم صاحبه، ويسامحه فيما عسى أن يكون من حقه هنا كانت كلمة الإيمان وكلمة الضمير الذي أيقظه هذا الإيمان، فالإيمان -باختصار شديد الإيمان- القوي يدفع إلى مثل عليَا رفيعة، ويقف أمام طغيان الغرائز الإنسانية، فيكفكف من غلوائها، ويحد من شرهها، ويقوم من انحرافها، ويوجهها وجهة الخير والسداد والصلاح، ولهذا أقول يجب علينا أن ننمي الإيمان في القلوب، يجب علينا أن نحرص على هذا الإيمان، وأن نترجمه إلى واقع عملي في المجتمع الذي نعيش فيه، وإذا كان أهل الإيمان بهذه المثابة وبهذا الفهم، وحققوا هذا الإيمان كما طلبه منهم رب العباد -سبحانه وتعالى- سادوا الدنيا بأكملها؛ لأن الله -عز وجل- قد وعد أولياءه، ومن قام بشرعه بنصره وتمكينه في هذه الأرض.

أسأل الله -تبارك وتعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يحقق الإيمان في قلوبنا، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأكتفي بهذا على أن ألتقي بكم -أيها الإخوة الكرام- في لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <   >  >>