للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقلية تواجه العقل، وتلقاه بكل ما فيه من قوى -من قوى الإدراك والاستبصار- وهذا النوع من المعجزات لا يقع من الناس موقعًا متقاربًا، وإنما يلقاه كل إنسان بما لديه من إدراك وفهم، وقدرة على التمييز بين المدركات والتفرقة بين الخير والشر.

يقول السيوطي -رحمه الله-: وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم، وأكثر معجزات هذه الأمة الإسلامية عقلية؛ لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم، ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خُصَّتْ بالمعجزة العقلية الباقية؛ ليراها ذوو البصائر.

أنتقل بعد ذلك إلى النقطة التالية: تعدد المعجزات واختلافها:

المعروف في تاريخ الأديان وفي نصوص الكتب المقدسة الباقية منها إلى اليوم شيء، وإن كانت قد حرفت وغيرت وبدلت، ولكن كما هي موجودة الآن بين يدي أصحابها المعروف فيها أن كل نبي كان يحمل بين يديه إلى قومه آية صدقه في معجزة يلقاهم بها متحديًا على صورة لم يسبقه إليها أحد قط، ولم ينكشف للناس شيء من وجهها قبل أن تطلع عليهم قاهرة متحدية، والقرآن الكريم قد شفى المقام في هذا، وأشار إلى بعض معجزات الأنبياء ممن ذكرهم رب العزة والجلال في كتابه، وكان بعض الأنبياء يحمل إلى قومه أكثر من معجزة، ويجيء إليهم بأكثر من دليل يدل على أنه مرسل من عند الله، وهذه المعجزات التي بين يديه هي شهود عدول على صدق ما يقول وما يدعي؛ فموسى -عليه السلام- قد حمل إلى بني إسرائيل عصًا كانت تتفجر منها المعجزات يلقي بها من يده فتنقلب حية تسعى، ويضرب بها البحر فينفلق عن طريق يبس بين جبال عالية من الماء، ويضرب بها وجه الحجر فيتفجر منه الماء وتسيل العيون، ثم كان معه إلى جانب تلك العصا

<<  <   >  >>