سلك الاستعمار الصليبي سبيل الحرب والمؤامرة، كما سلك عملاؤه وأذنابه -سلكوا جميعًا- بث الدسائس، وذرع الفتن بين المسلمين، أما أبواقه ودعاته، فقد شنوا -ولا يزالون- حربًا فكرية تستهدف صرف المسلمين عن دينهم إلى المسيحية أو حتى إلى الإلحاد؛ لأن القضاء على هذا الدين غاية الغايات عند هؤلاء، وارتداد أتباعه أطيب المنى، ولقد أنشئت المعاهد والإرساليات والجامعات بتخطيط استعماري بعيد النظر طويل النفس، وبقلب ملئ بغضًا للإسلام، وكانت الغاية من هذه المؤسسات العلمية هي تنشئة أبناء المسلمين على طعام الاستعمار وموائد الصليبية؛ حتى يشبوا وقد أصبح الإسلام زادًا لم يعرفوا له طعمًا، وغذاء لم يروا له شكلًا.
واستهدفت الحملة الفكرية على الإسلام زعزعة عقائد المسلمين في الإسلام بشتى السبل، ومنها ادعاء مناقضة القرآن للعلم، وكانت كتابات كثير من المبشرين وصبيانهم تعرض بهذا وتصرح به وفق الأوضاع والظروف، وكانوا يصورون الإسلام على أنه عبارة عن أمور غيبية أو خرافات، وكانت العلمنة أو العلمانية هي الراية التي رُفِعت -وما زالت ترفع- في حرب الإسلام، ولقد وجد هؤلاء المجرمون العلم الحديث اليوم فرصة لكي يتحدثوا فيه عن القرآن الكريم، وأن القرآن الكريم يناقضه ويعارضه، وبئس ما زعموا وقالوا، فهذا قد وجد عندهم، ودعا أتباع الكنيسة إلى أن يخرجوا عليها، ووجد فيما عرف بعد ذلك بالعلمانية.
أما دين الإسلام فلا يتناقض، ولا يتعارض مع العلم بحال، وقد أشرت في النقطة السابقة أن القرآن الكريم يدعو إلى النظر وإلى التأمل، وإلى البحث في ملكوت السموات والأرض، ولتأكيد هذه الحقيقة أنتقل إلى النقطة التالية، وهي: