الزراعة أو التجارة، وبالمساهمة في جلب المعدات الحربية، أو العمل على إنتاجها وترقية مستواها؛ لتضارع أرقى الأسلحة وأقواها.
ويتحقق الجهاد أيضًا بإعداد الجنود إعدادًا دينيًّا تربويًّا وخلقيٌّا وعسكريًّا، ومن ثَمّ تدريبهم على أحدث الأسلحة وأجودها؛ حتى يكونوا مسلمين مجاهدين، فالتربية والخُلق مطلبٌ ديني حري أن يتحقق، بل يجب أن يكون الخُلق قبل التدريب على حمل السلاح والدعوة إلى الجهاد، وقبل التحام الجيشين للقتال؛ لأننا نحن المسلمين نقاتل من أجل عقيدة لها قيمها، ولها مبادئها ومثلها، وإذا أردنا أن ننتصر على قوى الشر فعلينا أن نقف على قاعدة صلبة من الإيمان والتقوى، والخُلق الكريم، فإننا بهذه المُثل وبتحقيقها نستطيع -إن شاء الله تبارك وتعالى- أن ننتصر، والله -عز وجل- ينجز وعده للمتقين الذين يحيون بالعقيدة، ومن أجلها قال الله -جل ذكره- مبينًا وعده هذا لعباده المؤمنين:{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحج: من الآية: ٤٠).
وقال -جل ذكره-: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}(الحج: ٤١) تأملوا قوله سبحانه: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ ... } إلى آخره، فلا بد إذن من الاعتقاد الصحيح، ومن العمل بهذا الدين، ومن الخُلق القويم؛ حتى ننال وعد الله -تبارك وتعالى- بالنصر والتمكين، أما أولئك القوم الذين يتركون العبادات، ويفعلون المنكرات، ويرتكبون ما حرم الله -تبارك وتعالى- ففيم يريدون أن يجاهدوا إذن؟
هؤلاء في الحقيقة قومٌ فاسقون يجب جهادهم أولًا، وهم في حقيقة الأمر ليسوا جنودًا للإسلام، وإنما هم جنودٌ للأهواء والشهوات، إن الجندي المسلم هو الذي يحمل المصحف بيد ويحمل السلاح باليد الثانية، هذا المجاهد حقًّا، وهذا الذي وعده الله -عز وجل- بإحدى الحسنيين: إما النصر وإما الجنة.