للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع الثاني من أنواع الجهاد: الجهاد بالمال، فالمسلم القادر يجهز نفسه بماله، ويجاهد كذلك في سبيل الله -عز وجل- بنفسه، فيكون قد جمع بين فضيلتين عظيمتين: الجهاد بالنفس، والجهاد بالمال، وقد يكون غير قادر جسميًا على القتال، ولكنه قادر ماليًّا فينفق من ماله لمساعدة المجاهدين بالنفس في سبيل الله -تبارك وتعالى.

وفي عهد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- كان المجاهد المسلم يجهز نفسه بعدة القتال، وبمركب القتال، وبزاد القتال، ولم تكن هناك رواتب يتناولها القادة والجند، وإنما كان العمل تطوعًا بالنفس وتطوعًا بالمال، وهذا شأن العقيدة حين تسكن في القلب، وكان كثيرٌ من الفقراء المسلمين الراغبين في الجهاد في سبيل الله تعالى والزود عن منهج الله في أرضه وراية العقدية، لا يجدون ما يزودون به أنفسهم، ولا ما يتجهزون به من عِدة ومركب؛ فيلجئون إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يطبلون منه الوسيلة التي تحملهم إلى ميدان المعركة البعيد الذي لا يبلغه على الأقدام، فإذا لم يجدوا ذلك {تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} (التوبة: من الآية: ٩٢).

النوع الثالث من أنواع الجهاد في سبيل الله -تبارك وتعالى-: المساعدة على الجهاد:

وأود من إخواني المستمعين أن ينتبهوا لهذه المسألة؛ لأن البعض قد يغفل عنها، وقد يظن أن الجهاد بالنفس أو بالمال فقط، فإذا لم يحب أن يجاهد بنفسه، أو ضعف عن ذلك لسببٍ ما، أو كان ليس عنده مال ظن أنه قد برئ بذلك، ولم يفعل شيئًا، ولم يقدم خيرًا للمجاهدين في سبيل الله -تبارك وتعالى- وهذا في الحقيقة أمرٌ غير صحيح، بل إن المساعدة على الجهاد في سبيل الله نوعٌ من أنواع الجهاد في سبيل الله -تبارك وتعالى- ويكون ذلك بالإسهام في كل عملٍ من شأنه التمكين من أسباب النصر، ويتحقق هذا بمضاعفة الجهد في الإنتاج الحربي، سواء كان ذلك بالصناعة أو

<<  <   >  >>