للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، وكانت قريش هي التي نصرت الحرب لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وخلافه، فلما افتتحت مكة، ودانت لهم قريش ودخلت في الإسلام عرفت العرب أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولا على عداوته، فدخلوا في دين الله، كما قال الله -جل ذكره-: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (النصر: ١: ٣).

فكان دخول الناس في دين الله أفواجًا بسبب هذا الفتح المبين، وهذا النصر العظيم، والجهاد في سبيل الله -تبارك وتعالى- واستمر الأمر كذلك بعد انتقال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- للرفيق الأعلى، فكان الجهاد هو الذي يقضي على حركات التمرد والشقاق، ويجبر المتمردين على الخضوع للإسلام والانقياد لشرعه، واحترام أهله، وقد أدرك ذلك أبو بكر الصديق -رضي الله تبارك وتعالى عنه- حينما قام بمواجهة المرتدين.

الثمرة الثالثة من ثمرات إقامة الجهاد في سبيل الله: إسعاد الناس بنور الإسلام وعدله ورحمته:

إن الجهاد في سبيل الله يحقق الرحمة للبشرية في الأرض، ويدفع الظلم والاعتداء، ويسعد الناس بهذا الدين الذي هو نور كله، ويُخرجهم من ظلمات الكفر والضلالة إلى نور العلم والهداية والتوحيد، كما قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة: ٢٥٧).

وما أروع جهاد ذي القرنين في القرآن الكريم؛ حيث تحرك بجيوشه لدعوة الله الخالدة، ووظف كل إمكاناته من أجل نشر التوحيد وتعريف الناس بخالقهم، ولقد جمع بين الفتوحات العظيمة بحد السف، وفتوحات القلوب بالإيمان والإحسان، فكان إذا ظفر بأمة أو شعب دعاهم الحق والإيمان بالله تعالى قبل العقاب أو الثواب، وكان حريصًا على الأعمال الإصلاحية في كافة الأقاليم

<<  <   >  >>