أمير المؤمنين -رضي الله تعالى عنه- سطر على جبين التاريخ صفحات مشرقة من جهاده في سبيل الله تعالى؛ لأنه كان يبحث عن الشهادة ويشتاق إليها اشتياق من يبحث عن الماء البارد في الصحراء الموحشة، في غزوة بدر خرج الفارس المغوار مجاهدًا في سبيل الله -عز وجل- ويذكر هو شيئًا من جهاده في هذه الغزوة فيقول -رضي الله عنه-: تقدم -ويعني بذلك هو عتبة بن ربيعة- وتبعه ابنه وأخوه، فنادى -يعني عتبة- من يبارز؟ فانتدب له شباب من الأنصار. فقال: من أنتم؟ فأخبروه. فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة بن الحارث، فأقبل حمزة إلى عتبة، قال علي: وأقبلت إلى شيبة، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم ملنا على الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة.
وفي غزوة الخندق كان له هذا الموقف العظيم مع فارس قريش عمرو بن عبد ود، كان عمرو بن عبد ود العامري قد حضر معركة بدر الكبرى وذاق مرارة الهزيمة بعد أن جرح في المعركة، فنذر أن لا يمس رأسَه دهنًا حتى يقتل محمدًا -صلى الله عليه وآله وسلم- ولهذا كان أول الفرسان المقتحمين بخيلهم الخندق نحو المسلمين ومعه فوارس من قريش، وخرج علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة، التي اقتحموا وأقحموا منها خيلهم وأقبلت الفرسان تعنق وتسرع نحوهم. وهنا يقول بن إسحاق -رضي الله تعالى عنه-: كان عمرو بن ود العامري قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحُ فلم يشهد أحدًا، فلما كان يوم الخندق خرج معلمًا ليرى مكانه، فلما وقف هو وخيله، قال: من يبارز؟ فبرز إليه علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-