للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)).

أنتقل إلى نقطة تالية في هذا العنصر، وهي بعنوان مواقف من حياته وجهاده في الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-:

لقد كان لحذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه- مواقف جليلة في الدعوة إلى الله وفي الجهاد في سبيل الله -عز وجل- وذلك لما جاء يوم أحد، وخاض المسلمون تلك الغزوة أمام مشركي قريش وكان في جند المسلمين حذيفة -رضي الله تعالى عنه- فأما حذيفة فقاتل قتال من يبحث عن الشهادة ويشتاق إليها، وأما أبوه فقد استشهد يومئذ، قتله بعض الصحابة غلطًا، ولم يعرفه؛ لأن الجيش يختفون فيما يلبسونه من لأمة الحرب ويسترون وجوههم فإن لم يكن لهم علامة بيّنة ربما قُتل الإنسان، وربما قتل الأخ أخاه -وهو لا يشعر- ولما شدوا على اليمان يومئذ بقي حذيفة يصيح ويقول: أبي، أبي، يا قومي فراح خطئًا فتصدق حذيفة -رضي الله تعالى عنه- بدية والده على المسلمين، وهذا موقف عظيم من مواقف هذا الصحابي الجليل -رضي الله تعالى عنه- حينما يتنازل عن دية والده الذي قتل خطئًا.

ثم إني أود هنا أن أذكر بعد ذلك مواقف مشرقة من جهاده في الفتوحات الإسلامية -رضي الله تعالى عنه- لأن البعض قد لا يعلم أن حذيفة -رضي الله عنه- كان من أصحاب السبق العظيم في فتوحات العراق كلها، ففي همدان والري، والدينور، تم الفتح على يديه، وفي معركة نهاوند كانت المعركة الكبرى، حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفًا والمسلمون في ثلاثين ألفًا يقودهم الإيمان بالله والعقيدة الراسخة التي سكبها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في قلوب أصحابه حتى كان الواحد منهم يقابل جيشًا بأكمله فلا يخاف ولا يخشى إلا الله -سبحانه وتعالى- وكان عمر -رضي الله تعالى عنه- وقتئذ هو أمير المؤمنين، وأدرك عمر -رضي الله عنه- من الذي يقوم بهذه الفتوحات ومن الذي يمكن أن

<<  <   >  >>