للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنها أيضًا وصية غالية من هذا الخليفة العالم الزاهد -رحمه الله- وَمَعَ ذَلِكَ أَيْضًا فَقَدْ كَانَتْ لَهُ هِمَّةٌ عَالِيَةٌ؛ فقد جاء عنه أنه قال: كانت لي نفس تواقة، فكنت لا أنال شيئًا إلا تاقت إلى ما هو أعظم منه، فلما بلغت نفسي الغاية، تاقت إلى الآخرة.

والله، كلمات تحتاج أن نقف عندها قليلًا، كانت لعمر بن عبد العزيز نفس تواقة -يعني: تطلب معالي الأمور، وتود أن تصل إلى أرفع الدرجات وأعلى المكانات- وكان لا ينال شيئًا إلا تاقت نفسه إلى ما هو أعظم منه -يعني: أعلى منه- وقد نال ذلك؛ لأنه قال: فلما بلغت نفسي الغاية تاقت إلى الآخرة، وهذا يدل على أن همته -رحمه الله -تبارك وتعالى- طلبت الآخرة، وَرَجعَتْ إليها -رحمه الله- تبارك وتعالى.

بعد ذلك: اعتقاده ومذهبه، وهي نقطة:

جـ- كان -رحمه الله تعالى- على مذهب السلف؛ يُعَظِّمُ الكتاب والسنة، وَيُحَارِبُ الأهواء والبدع، قال ابن الجوزي -رحمه الله-: حدثني إسماعيل بن يونس، قال: نُبِّئْتُ أن عمر بن عبد العزيز قال: من جعل دينه عرضًا للخصومات أكثر التنقل.

وعن جعفر بن برقان أن عمر بن عبد العزيز قال لرجل، وسأله عن الأهواء، قال: عليك بدين الصبي الذي في الكتاب والأعرابي وَالْهُ عما سواهما.

يعني: تمسك بالكتاب والسنة، وأعرض عن غير الكتاب والسنة، وقال أيضًا -رحمه الله-: "إذا رأيت قومًا يتناجون في دينهم بشيء دون العامة، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة". وتحذيره هنا مهم للغاية؛ فنحن وجدنا اليوم كثيرا من الروافض وغلاة المتصوفة يتمتمون ويهمسون بمعتقدات ضالة وباطلة، ويزعمون

<<  <   >  >>