للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- خلافته وعدله:

كان عمر -رضي الله تعالى عنه- عادلًا في خلافته، وقد يسأل سائل: كيف أتت عمر الخلافة؟ فأذكر ما ذكره ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: قال حدثنا محمد بن سعيد، قال: قال: رجاء بن حيوة: لما كان يوم الجمعة لبس سليمان بن عبد الملك ثيابًا خضرًا من خز، ونظر في المرآة فقال: أنا -والله- الملك الشاب، فخرج إلى الصلاة يصلي بالناس الجمعة، فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَى وُعِكَ، فلما ثقل كتب كتابًا عهده إلى ابنه أيوب -وهو غلام لم يبلغ- فقلت: ما تصنع يا أمير المؤمنين؟! إنه مما يُحْفَظُ به الخليفة في قبره أن يستخلف الرجل الصالح، فقال: كتاب أستخير فيه، وأنظر، ولم أعزم عليه، فمكث يومًا أو يومين، ثم خرقه، قال: ثم دعاني، فقال: ما ترى في داود بن سليمان؟ فقلت: هو غائب بقسطنطينية، وأنت لا تدري؛ أحي هو أم ميت؟! قال: يا رجاء؛ فمن ترى؟! فقلت: رَأْيك يا أمير المؤمنين، وأنا أريد أن أنظر من تذكر، فقال: كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ فقلت: أعلمه -والله- فاضلًا خيارًا مسلمًا. قال: هو -والله- ذلك، ولئن وليته ولم أولِّ أحدًا من ولد عبد الملك لتكونن فتنة، ولا يتركونه أبدًَا يلي عليهم، إلا أن أجعل أحدهم بعده، ويزيد بن عبد الملك يومئذ غائب على الموسم، قال: فأجعل يزيد بن عبد الملك بعده؛ فإن كان مما يسكنهم ويرضون به قلت رأيك.

فكتب بيده هذا الكتاب: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز؛ إني وليته الخلافة بعدي، ومن بعده يزيد بن عبد الملك فاسمعوا له، وأطيعوا، واتقوا الله ولا تختلفوا؛ فيطمع فيكم". وختم الكتاب وأرسل إلى كعب بن جابر -صاحب شرطته- أنْ مُرْ أهلَ بيتي أن يجتمعوا بجمعهم، ثم قال سليمان لرجاء بعد اجتماعهم: اذهب بكتابي هذا

<<  <   >  >>