للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَنَحْنُ نَعْتَقِدُ أنهم كانوا على الإسلام وعلى الدين، وكانوا متمسكين به، وإن كانت وقعت منهم أخطاء، فأمرهم بعد ذلك إلى رب العزة والجلال سبحانه، ونسأل الله -عز وجل- أن يعفوَ عنهم، وأن يغفر لهم، وأن يتجاوز عن سيئاتهم، ولكن لم يكن كعمر بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه- مما سبقه من الأمراء، كان -رحمه الله تعالى- عادلًا في حكمه مقسطًا عالمًا جليلًا ورعًا زاهدًا -رحمه الله -تبارك وتعالى.

أَخْتَمُ هَذَا اللقاءَ في ترجمة الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله -تبارك وتعالى- بهذا العنصر، وهو بعنوان "المسئوليات الصادقة لدى عمر بن عبد العزيز"، فأقول في هذا: إذا كانت الشهور التسعة والعشرون التي عاشها خليفةٌ تعتبر بالنسبة للتاريخ الإنساني كله بمثابة لحظة، فإن هذه اللحظة قد صارت من أعظم أزمان التاريخ تزكيةً للإنسان وتأثيرًا في الحقيقة؛ إِذْ أَعْطَتِ الْبَشَرِيَّة في شتى عصورها وأديانها وأجناسها المثل على ما تستطيع الإرادة الإنسانية أن تحقق من عزة وكرامة واستقامة؛ إذا جعلت الله رَقِيبَهَا، والحق كتابها.

إنني أود أن أقدم كلمات للدنيا كلها من خلال مسيرة الإمام العادل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- وأبرز المسئوليات الصادقة التي كان يشعر بها، ويحس بها؛ كي يترسم المسلم أيضًا خطاهم.

لقد حرص أمير المؤمنين على أن يدرك الناس أنه لا يأتيهم بجديد من المبادئ والنظم، فكل ذلك في قرآنهم ودينهم وتراث الرعيل الأول الصالح من خلفاء رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، إنما يأتي عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- بروح قوية وكبيرة وعالية، هي روح المسئولية الورعة الصادقة، يزكيها فهم سديد لجوهر الإسلام وأهداف شريعته.

وإذن فإن علينا أن نرصد مسار علاقته بمسئولياته في ثلاثة مطالع؛

<<  <   >  >>