للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا الحافظ الذهبي -نقلًا عن صالح بن الإمام أحمد يقول: وشهدت ابن الجروي، وقد جاء بعد المغرب، فقال لأبي: أنا رجل مشهور، وقد أتيتك في هذا الوقت، وعندي شيء قد أعددته لك، وهو ميراث، فأحب أن تقبله، فلم يزل به، فلما أكثر عليه قام فدخل، قال صالح: فأخبرت عن ابن الجروي أنه قال: قلت له: يا أبا عبد الله هي ثلاثة آلاف دينار، قال: فقام وتركني، قال صالح: ووجه رجل من الصين بكاغد صيني إلى جماعة من المحدثين، ووجه بقمطر إلى أبي -والقمطر: شيء تصان الكتب- والكاغد: هو القرطاس الذي يكتب فيه، وولد لي مولود فأهدى صديق لي شيئًا -وهذا القمطر أولًا الذي أهدي للإمام أحمد -رحمه الله- رده كما ذكر ابنه صالح- وقال صالح: ثم ولد لي مولود فأهدى صديق لي شيئًا، ثم أتى على ذلك أشهر، وأراد الخروج إلى البصرة -يعني: هذا الصديق، فقال لي: تُكلم أبا عبد الله يكتب لي إلى بعض المشايخ بالبصرة فكلمته، فقال لولا أنه أهدى إليك كنت أكتب إليه أو أكتب له، وهذا يدل على ورع الإمام -رحمه الله تبارك وتعالى.

وقال أحمد بن سنان بلغني: أن أحمد بن حنبل رهن نعله عند خباز باليمن، وأكرى نفسه من جمالين عند خروجه، وعرض عليه عبد الرزاق اليماني الصنعاني دراهم صالحة فلم يقبلها، وبعث ابن طاهر حين مات أحمد بأكفان وحنوط، فأبى صالح أن يقبلها، وقال: إن أبي قد أعد كفنه وحنوطه ورده، فراجعه، وقال: إن أمير المؤمنين أعفى أبا عبد الله مما يكره، وهذا مما يكره، فلست أقبله، وهذا يدل على غاية في الورع والزهد والعفة، وأن ولده -رحمه الله تبارك وتعالى- كان يعلم عن أبيه: أنه لا يقبل ذلك من خلال سيرته مع أبنائه، ولذلك رد ما تقدم به ابن طاهر رحم الله تبارك وتعالى الجميع.

<<  <   >  >>