وقد قال أبو الفرج الجوزي -رحمه الله تبارك وتعالى عنه-: خالطه قوم من المعتزلة؛ فحسنوا له القول بخلق القرآن، فكان يتردد ويراقب بقايا الشيوخ، ثم قوي عزمه، وامتحن الناس -يعني بفتنة القول بخلق القرآن.
أما عن المحنة التي حصلت للإمام أحمد -رحمه الله تبارك وتعالى- مع المأمون والمعتصم والواثق، فقد تحدث عنها كثير من العلماء، ومنهم الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تبارك وتعالى- وقد ذكر ذلك في (البداية والنهاية).
ومما جاء في ذلك قوله: ذكر ما جاء في محنة أبي عبد الله أحمد بن حنبل في أيام المأمون، ثم المعتصم، ثم الواثق؛ بسبب القرآن العظيم وما أصابه من الحبس الطويل والضرب الشديد، والتهديد بالقتل بسوء العذاب، وأليم العقاب، وقلة مبالاته بما كان منهم في ذلك، وصبره عليه وتمسكه بما كان عليه من الدين القويم والصراط المستقيم، وكان أحمد عالمًا بما ورد بمثل حاله من الآيات المتلوة والأخبار المأثورة، قال تبارك وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}(العنكبوت: ١: ٣) وقال الله تعالى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}(لقمان: ١٧).
وقد ذكر الإمام ابن كثير هذا كمقدمة عن الابتلاء الذي حصل لإمام أهل السنة، وأنه كان يفهم الآيات الواردة في الابتلاء، وكان عاملًا بها -رحمه الله تبارك وتعالى.
ثم قال الإمام الحافظ ابن كثير وقد روى الإمام أحمد الْمُمْتَحَنَ في (مسنده) قائلًا فيه: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عاصم بن بهدلة: سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال: ((سألت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: أي الناس أشد بلاءً؟ فقال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلي الله الرجل على حسب دينه،