{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}(الأحقاف: ٢٤) فقال ابن أبي دؤاد: هو والله يا أمير المؤمنين ضالّ مضل مبتدع، وهنا قضاتك والفقهاء، فسلهم فقال لهم: ما تقولون؟ فأجابوا بمثل ما قال ابن أبي دؤاد، ثم أحضروه في اليوم الثاني، وناظروه أيضًا في اليوم الثالث، وفي ذلك كله يعلو صوته عليهم، وتغلب حجته عليهم، قال: فإذا سكتوا فتح الكلام عليهم ابن أبي دؤاد، وكان من أجهلهم بالعلم والكلام، ولكن الإمام أحمد بن حنبل تصدى لهم في كل ما كانوا يتكلمون به، ولم يجدوا سبيلًا أو طريقًا إلى إقامة الحجة على الإمام أحمد -رحمه الله تبارك وتعالى- وبعد مجادلات طويلة تفوق فيها الإمام -رحمه الله تبارك وتعالى- ولم يجد هؤلاء الناس معهم حجة ضربوه -رضي الله تعالى عنه.
وقد قال الإمام أحمد في ذلك كلمات نقلها عنه الحافظ ابن كثير قال: لما لم يكن لهم معه حجة عدلوا إلى استعمال جاه الخليفة، فقالوا: يا أمير المؤمنين هذا كافر ضال مضل، وقال إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد: يا أمير المؤمنين، ليس من تدبير الخلافة أن تخلي سبيله، ويغلب خليفتين، فعند ذلك حمي واشتد غضبه، وكان ألينهم عريكة، وهو يظن أنهم على شيء، فعند ذلك قال لي: لعنك الله، طمعت فيك أن تجيبني فلم تجبني، ثم قال: خذوه، واخلعوه، واسحبوه.
قال أحمد: فأُخِذْت، وسحبت، وخلعت، وجيء بالعقابين، -يعني: خشبتين- تربط فيهما الأرجل والسياط، وأنا أنظر، وبدءوا يضربون في الإمام -رحمه الله- أسواطًا، حتى كان يغمى عليه، وكلما غمي أو غمي عليه -رحمه الله- تركوه، فإذا فاق ضربوه -رحمه الله تبارك وتعالى- وهناك كلام كثير يضيق الوقت والمقام عن الإشارة إليه ويكفي أن نعلم أن الإمام -رحمه الله تبارك وتعالى- قد أوذي في ذلك وضرب ضربًا شديدًا -رحمه الله تبارك وتعالى.