للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على المعتصم فلما نظر إلي -وعنده ابن أبي دؤاد- قال: أليس قد زعمتم أنه حدث السن؟ وهذا شيخ كبير، فلما دنوت منه وسلمت قال لي: ادن!! فلم يزل يدنيني حتى قربت منه، ثم قال: اجلس فجلست، وقد أثقلني الحديد، فمكثت ساعة، ثم قلت: يا أمير المؤمنين إلامَ دعا إليه ابن عمك رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-؟ يعني: إلى أي شيء دعا إليه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، قلت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، قال: ثم ذكرت له حديث ابن عباس في وفد عبد القيس، ثم قلت: يعني الإمام أحمد، فهذا الذي دعا إليه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ثم تكلم ابن أبي دؤاد بكلام لم أفهمه، وذلك أني لم أتفقه كلامه، ثم قال المعتصم: لولا أنك كنت في يد من كان قبلي لم أتعرض لك، ثم قال: يا عبد الرحمن ألم آمرك أن ترفع المحنة؟ قال أحمد: فقلت: الله أكبر هذا فرج للمسلمين، ثم قال: ناظره يا عبد الرحمن. فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن فلم أجبه، فقال المعتصم: أجبه، فقلت: ما تقول في العلم؟ فسكت، فقلت: القرآن من علم الله، ومن زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر، فسكت، فقالوا فيما بينهم: يا أمير المؤمنين كفرنا وكفرك، ولم يكن هذا من مذهب الإمام أحمد، فلم يلتفت إلى ذلك، فقال عبد الرحمن: كان الله ولا قرآن، فقلت -يعني: قال الإمام أحمد-: كان الله ولا علم، فسكت، فجعلوا يتكلمون من هاهنا، فقلت: يا أمير المؤمنين أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- أعطوني شيئًا من ذلك أقول به، فقال ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا بهذا وهذا، فقلت: وهل يقوم الإسلام إلا بهما؟ وجرت مناظرات طويلة، واحتجوا على الإمام أحمد بقول الله تبارك وتعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (الأنبياء: ٢) وبقوله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء} (الرعد: ١٦) وأجاب بما حاصله أنه عام مخصوص بقول الله تعالى:

<<  <   >  >>