للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله ويرد عليه -كما قال إمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس -رحمه الله تبارك وتعالى.

وهنا قد أشار إلى أن ابن تميمة قد تعتريه حدة في البحث وغضب وصدمة للخصوم، ولعل هذا كان من باب رد الفعل عند هذا الإمام؛ لأنه سجن وبغي عليه وظلم من الناس واتهم بأنه أدخل على الدين ما ليس منه، وأدخل على السلف ما لم يعتقدوه، ولا شك أن هذا كان من الباطل، وشيخ الإسلام كان من أكثر الناس التصاقًا ومعرفة وسيرًا على منهج سلف هذه الأمة الصالحين -كما سأشير إلى ذلك -إن شاء الله تعالى- بعد قليل عند ذكري لمنهجه وعقيدته -رحمه الله تبارك وتعالى.

ثم قال الحافظ الذهبي -رحمه الله-: وكان محافظًا على الصلاة والصوم معظمًا للشرائع ظاهرًا وباطنًا لا يؤتى من سوء فهم، فإن له الذكاء مفرط، ولا من قلة علم فإنه بحر زاخر، ولا كان متلاعبًا بالدين، ولا ينفرد بمسائل للتشهي، ولا يطلق لسانه بما اتفق، بل يحتج بالقرآن والحديث والقياس ويبرهن ويناظر أسوة بمن تقدمه من الأئمة فله أجر على خطئه وأجران على إصابته.

هذا في الحقيقة أيضًا يوضح موقف الإمام الذهبي من شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تبارك وتعالى- ومع هذا فقد وقع لشيخ الإسلام مع أهل عصره قلاقل وزلازل وامتحن -رحمه الله تعالى- مرة بعد أخرى في حياته وجرت له فتن عديدة، والناس قسمان في شأنه، فبعض منهم مقصر به عن المقدار الذي يستحقه، بل يرميه بالعظائم، وبعض آخر يبالغ في وصفه ويجاوز به الحد ويتعصب له كما يتعصب أهل القسم الأول عليه، وهذه قاعدة مطردة في كل عالم يتبحر في المعارف العلمية ويفوق أهل عصره ويدين بالكتاب والسنة، فإنه لا بد أن يستنكره

<<  <   >  >>