للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقصرون، وهذا ما وقع من الذين تكلموا وآذوا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تبارك وتعالى. هذا يقع ويستنكر المقصرون الذين لم يفقهوا الدين مثل ما جاء به شيخ الإسلام، ويقع له معهم محنة بعد محنة ثم يكون أمره بعد ذلك أعلى، وقوله الأولى، ويصير له بتلك الزلازل لسان صدق في الآخرين ويكون لعلمه حظ لا يكون لغيره، وهكذا حال هذا الإمام، فإنه بعد موته عرف الناس مقداره واتفق الألسن بالثناء عليه، إلا من لا يعتد به وطارت مصنفاته واشتهرت مقالاته.

وهذا كلام صحيح، بل والله إنه عين الحق؛ فأين الذين آذوا شيخ الإسلام وتكلموا عليه، أين هم اليوم في الواقع المعاصر من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية وثناء الناس على شيخ الإسلام ابن تيمية. إن ابن تيمية لا تجد مكتبة عامة أو خاصة في الغالب إلا ولابن تيمية -رحمه الله تبارك وتعالى- له كتب فيها، فلقد أعلى الله من شأن هذا العالم الجليل الرباني لدفاعه عن عقيدة السلف الصالح، رحم الله تبارك وتعالى جميع سلفنا الصالح.

هـ- اعتقاله وسببه ووفاته:

في الحقيقة يعني: طال الحديث عن شيخ الإسلام في ترجمته وكان لا بد من ذلك؛ لأنه أمام يستحق والله؛ لأنه جدد الدين أكثر مما أتكلم عليه، وقد عرف من قبلي -وأنا لا أقول شيئًا من عندي- قد عرف تلاميذه وعرف أهل العلم -من بعد عصر شيخ الإسلام- عرفوا جميعًا من هو ابن تيمية -رحمه الله تبارك وتعالى- والآن أتحدث عن اعتقال شيخ الإسلام -رحمه الله- وحاله في المعتقل:

نقل صاحب (الكواكب الدرية) عن شيخه علم الدين أنه في شهر ربيع الأول، سنة ستمائة وثمان وتسعين وقع بدمشق محنة للشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية وكان الشروع فيها من أول الشهر، وكان سببها ترجيح مذهب السلف في الصفات على مذهب المتكلمين، وكان قبل ذلك بقليل أنكر أيضًا أمر المنجمين، ثم عقدت له عدة مجالس في المناظر في مصر والشام وحبس في القطرين يعني: في مصر والشام.

ونقل صاحب (جلاء العينين) على الحافظ ابن كثير -رحمه الله- أنه قال: وأكثر ما نالوا منه أي: أعداؤه الحبس مع أنه لا ينقطع في بحث، يعني: لا ينقطع عن العلم ولا عن الكتابة لا بمصر ولا بالشام. ولم يتوجه لهم عليه ما يشين وإنما أخذوه وحبسوه بالجاه. قيل: ومن جملة أسباب حبسه -رحمه الله- خوفهم أنه

<<  <   >  >>