للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، ثنا أبُو حَاتِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: " دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى دَاوُدَ الطَّائِيِّ، فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , بِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الدَّارِ حَتَّى التُّرَابَ , وَبَقِيتَ تَحْتَ نِصْفِ سَقْفٍ فَلَوْ سَوَّيْتَ هَذَا السَّقْفَ فَكَانَ يَكِنُّكَ مِنَ الْحَرِّ وَالْمَطَرِ وَالْبَرَدِ فَقَالَ دَاوُدُ: اللهُمَّ غَفْرًا , كَانُوا يَكْرَهُونَ فُضُولَ الْكَلَامِ , يَا عَبْدَ اللهِ اخْرُجْ عَنِّي , فَقَدْ شَغَلْتَ عَلَيَّ قَلْبِي , إِنِّي أُبَادِرُ جُفُوفَ الْقَلَمِ , وَطَيَّ الصَّحِيفَةِ , قَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , أَنَا عَطْشَانُ , قَالَ: اخْرُجْ وَاشْرَبْ , فَجَعَلَ يَدُورُ فِي الدَّارِ وَلَا يَجِدُ مَاءً , فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , لَيْسَ فِي الدَّارِ لَا جُبٌّ، وَلَا جَرَّةٌ , قَالَ: اللهُمَّ غَفْرًا , بَلْ هُنَاكَ مَاءٌ , قَالَ: فَخَرَجَ يَلْتَمِسُ فَإِذَا دَنٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَصِيصِ الَّذِي يُحْفَلُ فِيهِ الطِّينُ , وَقِطْعَةُ خِرْقَةٍ أَسْفَلَ كُوزٍ , فَأَخَذَ تِلْكَ الْخِرْقَةَ يَغْرِفُ بِهَا , فَإِذَا مَاءٌ حَارٌّ كَأَنَّهُ يَغْلِي , لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُسِيغَهُ , فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , مِثْلُ هَذَا الْحَرِّ النَّاسُ يَكَادُونَ يَنْسَلِخُونَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ , وَدَنٌّ مَدْفُونٌ فِي الْأَرْضِ , وَكُوزٌ مَكْسُورٌ فَلَوْ كَانَتْ جُرَيْرَةٌ وَقُلَّةٌ؟ فَقَالَ دَاوُدُ: جُبٌّ حِيرِيٌّ , وَجَرَّةٌ مَدَارِيَّةٌ , وَقِلَالٌ مُنَقَّشَةٌ , وَجَارِيَةٌ حَسْنَاءُ , وَأَثَاثٌ , وَنَاضٍ؟ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: - يَعْنِي بِالنَّاضِ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ - وَفُضُولٌ لَوْ أَرَدْتُ هَذَا يَشْغَلُ الْقَلْبَ مَا سَجَنْتُ نَفْسِي هَهُنَا , إِنَّمَا طَلَّقْتُ نَفْسِي عَنْ هَذِهِ الشَّهَوَاتِ , وَسَجَنْتُ نَفْسِي حَتَّى يُخْرِجَنِي مَوْلَايَ مِنْ سِجْنِ الدُّنْيَا إِلَى رَوْحِ الْآخِرَةِ , قَالَ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ , فَفِي هَذَا الْحَرِّ أَيْنَ تَنَامُ وَلَيْسَ لَكَ سَطْحٌ؟ ⦗٣٥٢⦘ قَالَ: إِنِّي أَسْتَحِي مِنْ مَوْلَايَ أَنْ يَرَانِيَ أَخْطُو خُطْوَةً أَلْتَمِسُ رَاحَةَ نَفْسِي فِي الدُّنْيَا , حَتَّى يَكُونَ مَوْلَايَ هُوَ الَّذِي يُرِيحُنِي مِنَ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا , قُلْتُ: فَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ , قَالَ: صُمِ الدُّنْيَا وَأَفْطِرْ عَلَى الْمَوْتِ , حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ أَتَاكَ رِضْوَانُ الْخَازِنُ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ فَشَرِبْتَهَا عَلَى فِرَاشِكَ , فَتَخْرُجُ مِنَ الدُّنْيَا وَأَنْتَ رَيَّانُ لَا تَحْتَاجُ إِلَى حَوْضٍ مِنْ حِيَاضِ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى تَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَأَنْتَ رَيَّانُ " قَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ مِنَ الْعُمَّالِ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ , الْمَكْدُودِينَ فِي الْعِبَادَةِ , فَلَمَّا مَاتَ رَأَى رَجُلٌ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ - وَكَانَ يُذْكَرُ مِنْ فَضْلِهِ - فَرَأَى مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ , وَمُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ طَلَبَا أَمْرًا فَأَدْرَكَاهُ "

<<  <  ج: ص:  >  >>