حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي يُوسُفَ الْخَلَّالُ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ نَصْرٍ الشَّافِعِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى وُكُنَاتِهَا». فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى وُكُنَاتِهَا»: إِنَّ عِلْمَ الْعَرَبِ كَانَ فِي زَجْرِ الطَّيْرِ وَالبَارِحِ، وَالْخَطِّ وَالْإِعْسَافِ. كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا غَدَا مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ أَمْرًا نَظَرَ أَوَّلَ طَيْرٍ يَرَاهُ فَإِنْ سَنَحَ عَنْ يَسَارِهِ فَاجْتَازَ عَنْ يَمِينِهِ، فَمَرَّ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ هَذَا طَيْرُ الْأَشَائِمِ فَرَجَعَ وَقَالَ: حَاجَةٌ مَشْئُومَةٌ. فَقَالَ الحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ:
[البحر البسيط]
لَا تَزْجُرُ الطَّيْرَ شُحًّا إِنْ عَرَضْنَ لَهُ ... وَلَا يُفَاضُ عَلَى قَسَمٍ بِأَزْلَامِ
يَعْنِي أَنَّهُ سَلَكَ الْإِسْلَامَ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، وَتَرْكِ زَجْرِ الطَّيْرِ. وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ يَمْدَحُ نَفْسَهُ:
[البحر الطويل]
وَلَا أَنَا مِمَّنْ يَزْجُرُ الطَّيْرَ نَعْمُهُ ... أَصَاحَ غُرَابٌ أَمْ تَعَرَّضَ ثَعْلَبُ
وَكَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَ الطَّيْرُ سَانِحًا فَرَأَى طَيْرًا فِي وَكْرِهِ حَرَّكَهُ، فَيَطِيرُ، فَيَنْظُرُ أَسَلَكَ لَهُ طَرِيقَ الْأَشَائِمِ أَمْ طَرِيقَ الْأَيَامِنِ، فَيُشْبِهَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى وُكُنَاتِهَا». أَيْ لَا تُحَرِّكُوهَا فَإِنَّ تَحْرِيكَهَا، وَمَا تَعْمَلُونَهُ مَعَ الطَّيْرِ لَا يَصْنَعُ مَا يُوَجِّهُونَ لَهُ قَضَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّيْرِ فَقَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute