للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَتْحِ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الْحِمْصِيُّ الْوَاعِظُ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّدُوقُ الْعَابِدُ - بِمِصْرَ - ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُبَارَكِ الصُّورِيَّ، يَقُولُ: «بَيْنَمَا أَنَا أَجُولُ، فِي بَعْضِ جِبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِذَا أَنَا بِشَخْصٍ مُنْحَدِرٍ مِنْ جَبَلٍ، فَقَابَلْتُ الشَّخْصَ فَإِذَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا مَدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ وَخِمَارٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنِّي سَلَّمَتْ عَلَيَّ فَرَدَدْتُ عَلَيْهَا السَّلَامَ»، فَقَالَتْ: يَا هَذَا مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قُلْتُ لَهَا: «رَجُلٌ غَرِيبٌ». قَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ فَهَلْ تَجِدُ مَعَ سَيِّدِكَ وَحْشَةَ الْغُرْبَةِ وَهُوَ مُؤْنِسُ الْغُرَبَاءِ وَمُحَدِّثُ الْفُقَرَاءِ؟ قَالَ: «فَبَكَيْتُ»، فَقَالَتْ: أَوَ لَا يَبْكِي الْعَلِيلُ إِذَا وَجَدَ طَعْمَ الْعَافِيَةِ؟ قُلْتُ: «فَلِمَ؟» قَالَتْ: لِأَنَّهُ مَا خَدَمَ الْقَلْبَ خَادِمٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْبُكَاءِ وَلَا خَدَمَ الْبُكَاءَ خَادِمٌ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الزَّفِيرِ وَالشَّهِيقِ فِي الْبُكَاءِ. قُلْتُ لَهَا: «عَلِّمِينِي رَحِمَكِ اللَّهُ فَإِنِّي أَرَاكِ حَكِيمَةً» فَأَنْشَأَتْ وَهِيَ تَقُولُ:

[البحر البسيط]

دُنْيَاكَ غَرَّارَةٌ فَدَعْهَا ... فَإِنَّهَا مَرْكَبٌ جَمُوحُ

دُونَ بُلُوغِ الْجُهُولِ مِنْهَا ... مُنْيَتَهُ نَفْسُهُ تَطِيحُ

لَا تَرْكَبِ الشَّرَّ وَاجْتَنِبْهُ ... فَإِنَّهُ فَاحِشٌ قَبِيحُ

وَالْخَيْرَ فَأَقْدِمْ عَلَيْهِ تَرْشُدْ ... فَإِنَّهُ وَاسِعٌ فَسِيحُ

فَقُلْتُ لَهَا: «زِيدِينِي رَحِمَكِ اللَّهُ». فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَ مَا كَانَ فِي مَوْقِفِنَا هَذَا مَا أَغْنَاكَ مِنَ الْفَوَائِدِ عَنْ طَلَبِ الزَّوَائِدِ؟ قَالَ: قُلْتُ: «لَا غِنًى بِي عَنْ طَلَبِ الزَّوَائِدِ»، قَالَتْ: حِبَّ رَبَّكَ شَوْقًا إِلَى لِقَائِهِ فَإِنَّ لَهُ يَوْمًا يَتَجَلَّى فِيهِ لِأَوْلِيَائِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>