وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: قَالَ عُتْبَةُ الْغُلَامُ: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ أَحَبَّهُ وَمَنْ أَحَبَّ اللَّهَ أَطَاعَهُ وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ أَكْرَمَهُ وَمَنْ أَكْرَمَهُ أَسْكَنَهُ فِي جِوَارِهِ وَمَنْ أَسْكَنَهُ فِي جِوَارِهِ فَطُوبَاهُ وَطُوبَاهُ، وَالْمُحِبُّ الصَّادِقُ إِذَا اسْتَنَارَ قَلْبُهُ بِنُورِ حُبِّ الْوِدَادِ نَحَلَ جِسْمُهُ لِأَنَّ قَلِيلَ الْمَحَبَّةِ يَبِينُ عَلَى صَاحِبِهَا كَثِيرُ النُّحُولِ فَإِذَا وَرَدَتْ خَطَرَاتُ الشَّوْقِ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خِلَالٍ أَرْبَعٍ: إِمَّا أَنْ يَتَقَبَّلَ طَاعَتَهُ فَيَفُوزَ بِثَوَابِهَا وَإِمَّا أَنْ يَشْغَلَهُ فِي الدُّنْيَا بِطَاعَتِهِ عَنِ الْآثَامِ فَتَقِلَّ خَطَايَاهُ وَإِمَّا أَنْ يَتَدَارَكَهُ بِنَظَرِهِ فَيُلْحِقَهَ بِدَرَجَةِ الْمُحِبِّينَ تَفَضُّلًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَلِكَ فَإِنْ فَاتَتْهُ الثَّلَاثُ لَمْ يَفُتْهُ الرَّابِعُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ثَوَابَ النَّصَبِ لِلَّهِ وَذَلِكَ أَنَّ قَلِيلَ الْقُرْبَةِ عِنْدَ الْكَرِيمِ يُعْتِقَ بِهَا الرِّقَابَ مِنَ النَّارِ ⦗٨٢⦘ فَمَنْ نَجَا مِنَ النَّارِ فَمَا لَهُ مَنْزِلَةٌ غَيْرُ الْجَنَّةِ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: ٧]، فَهَلْ تَرَى لِأَحَدٍ مَنْزِلَةً بَيْنَهُمَا وَمَنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي عِزِّ الْمَحَبَّةِ فَعَلَيْهِ بِمُفَارَقَةِ الْأَحْبَابِ وَالْخَلْوَةِ بِرَبِّ الْأَرْبَابِ، فَإِنْ قِيلَ: فَمِنْ أَيْنَ قُلْتَ ذَلِكَ؟ فَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ لِأَخٍ لَهُ فِي اللَّهِ: إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ وَلِيًّا وَهُوَ لَكَ مُحِبًّا فَدَعِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ وَلَا تَرْغَبَنَّ فِيهِمَا وَفَرِّغْ نَفْسَكَ مِنْهُمَا وَأَقْبِلْ بِوَجْهِكَ عَلَى اللَّهِ يُقْبِلِ اللَّهُ بِوَجْهِهِ عَلَيْكَ وَيَلْطُفْ بِكَ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: يَا يَحْيَى إِنِّي قَضَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا يُحِبَّنِي عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي أَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا كُنْتُ سَمْعَهَ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَلِسَانَهُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ وَقَلْبَهُ الَّذِي يَفْهَمُ بِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بَغَّضْتُ إِلَيْهِ الِاشْتِغَالَ بِغَيْرِي وَأَدَمْتُ فِكْرَتَهُ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَهُ وَأَظْمَأْتُ نَهَارَهُ يَا يَحْيَى أَنا جَلِيسُ قَلْبِهِ وَغَايَةُ أُمْنِيَّتِهِ وَأَمَلِهِ أَهَبُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَسَاعَةٍ فَيَتَقَرَّبُ مِنِّي وَأَتَقَرَّبُ مِنْهُ أَسْمَعُ كَلَامَهُ وَأُجِيبُ تَضَرُّعَهُ، فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَبْعَثَنَّهُ مَبْعَثًا يَغْبِطُهُ بِهِ النَّبِيُّونَ وَالْمُرْسَلُونَ، ثُمَّ آمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي هَذَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ وَلِيُّ اللَّهِ وَصَفِيُّهُ وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ دَعَاهُ إِلَى زِيَارَتِهِ لِيَشْفِيَ صَدْرَهُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ فَإِذَا جَاءَنِي رَفَعْتُ الْحِجَابَ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ كَيْفَ شَاءَ وَأَقُولُ: أَبْشِرْ فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَشْفِيَنَّ صَدْرَكَ مِنَ النَّظَرِ إِلَيَّ وَلَأَجُدِّدَنَّ كَرَامَتَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَسَاعَةٍ فَإِذَا تَوَجَّهَتِ الْوفُودُ إِلَيْهِ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَيُّهَا الْمُتَوَجِّهُونَ إِلَى مَا ضَرَّكُمْ مَا فَاتَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا إِذَا كُنْتُ لَكُمْ حَظًّا، وَمَا ضَرَّكُمْ مَنْ عَادَاكُمْ إِذَا كُنْتُ لَكُمْ سِلْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute