أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، أَوَّلًا عُثْمَانِ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ أَسَدٍ، يَقُولُ: «افْهَمْ مَا أَقُولُ لَكَ وَفَرِّغْ لِلْفِكْرَةِ فِيهِ عَقْلَكَ وَأَدِمْ لَهُ تَوَهُّمَكَ وَتَوَهُّمَهُ بِذِهْنِكَ وَأَحْضِرْ لُبَّكَ وَاشْتَغِلْ بِذِكْرِهِ وَبِقَطْعِ كُلِّ مَذْكُورٍ سِوَاهُ، وَمُتَوَهَّمٍ غَيْرِهِ فَإِنَّا خُلِقْنَا لِلْبَلْوَى وَالِاخْتِبَارِ، وَأَعُدَّ لَنَا الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ فَعَظَّمَ ذَلِكَ الْخَطَرَ وَطَالَ بِهِ الْحُزْنُ لِمَنْ عَقَلَ، وَاذكُرْ حَتَّى تَعْلَمَ أَيْنَ يَكُونُ الْمَصِيرُ وَالْمُسِتَقَرُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ عَصَى الرَّبَّ وَخَالَفَ الْمَوْلَى وَأَصْبَحَ وَأَمْسَى بَيْنَ الْغَضَبِ وَالرِّضَا لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا قَدْ حَلَّ بِهِ وَوَقَعَ فَعَظُمَ لِذَلِكَ غَمُّهُ وَاشْتَدَّ بِهِ كَرْبُهُ وَطَالَ لَهُ حُزْنُهُ حَتَّى يَعْلَمَ كَيْفَ عِنْدَ اللَّهِ حَالُهُ فَإِلَيْهِ فَارْغَبْ فِي التَّوْفِيقِ وَإِيَّاهُ فَسَلِ الْعَفْوَ عَنِ الذُّنُوبِ، وَاسْتَعِنْ، بِاللَّهِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ، فَالْعَجَبُ كَيْفَ تَقَرُّ عَيْنُكَ أَوْ يَزُولُ الْوَجَلُ عَنْ قَلْبِكَ، وَقَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ وَالْمَوْتُ نَازِلٌ بِكَ لَا مَحَالَةَ بِكَرْبِهِ وَغُصَصِهِ وَنَزْعِهِ وَسَكَرَاتِهِ فَكَأَنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكَ وَشِيكًا فَتَوَهَّمْ نَفْسَكَ وَقَدْ صُرِعْتَ لِلْمَوْتِ صَرْعَةً لَا تَقُومُ مِنْهَا إِلَّا إِلَى الْحَشْرِ إِلَى رَبِّكَ فَتَوَهَّمْ ذَلِكَ بِقَلْبٍ فَارِغٍ وَهِمَّةٍ ⦗٩١⦘ هَائِجَةٍ مِنْ قَلْبِكَ بِالرَّحْمَةِ لِبَدَنِكَ الضَّعِيفِ وَارْجِعْ عَمَّا يَكْرَهُ مَوْلَاكَ وَتَرْضَاهُ عَسَى أَنْ يَرْضَى عَنْكَ وَاعْتِبْهِ وَاسْتَقِلْهُ عَثَرَاتِكَ وَابْكِ مِنْ خَشْيَتِهِ عَسَى أَنْ يَرْحَمَ عَبَرَاتِكَ فَإِنَّ الْخَطْبَ عَظِيمٌ وَالْمَوْتَ مِنْكَ قَرِيبٌ وَمَوْلَاكَ مُطَّلِعٌ عَلَى سِرِّكَ وَعَلَانِيَتِكَ وَاحْذَرْ نَظَرَهُ إِلَيْكَ بِالْمَقْتِ وَالْغَضَبِ وَأَنْتَ لَا تَشْعُرُ فَأَجِلَّ مَقَامَهُ وَلَا تَسْتَخِفَّ بِنَظَرِهِ وَلَا تَتَهَاوَنْ بِاطِّلَاعِهِ وَاحْذَرْهُ وَلَا تَتَعَرَّضْ لِمَقْتِهِ فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَكَ بِغَضَبِهِ وَلَا قُوَّةَ لَكَ بِعَذَابِهِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute