سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ، يَقُولُ: " الْمُخْلِصُونَ مِنَ الْوَرِعِينَ هُمُ الَّذِينَ تَفَقَّدُوا قُلُوبَهُمْ بِالْأَعْمَالِ وَالنِّيَّاتِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَحَرَكَاتِهِمْ وَسُكُونِهِمْ مُوَاظِبِينَ لِلِاسْتِقَامَةِ الْمُفْتَرَضَةِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَلَهُ مُحَافِظِينَ وَمِنْ دُخُولِ الْفَسَادِ عَلَيْهِمْ مُشْفِقِينَ فَأَوْرَثَهُمُ اللَّهُ مُرَاقَبَتَهُ فَهُنَالِكَ تَنْتَصِبُ قُلُوبُهُمْ بِمُدَاوَمَةِ الْمُحَافَظَةِ لِنَظَرِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ وَنَظَرِهِ إِلَى سَرَائِرِهِمْ، وَعِلْمِهِ بِحَرَكَاتِهِمْ وَسُكُونِهِمْ فَهُنَالِكَ تَقِفُ الْقُلُوبُ بِعِلْمِ اللَّهِ فَلَا تَنْبَعِثْ بِحَظْرَةٍ وَلَا هَمَّةٍ وَلَا إِرَادَةٍ وَلَا مَحَبَّةٍ وَلَا شَهْوَةٍ إِلَّا حَفِظُوا عِلْمَ اللهِ بِهِمْ فِي ذَلِكَ فَلَمْ تَبْرُزْ حَرَكَاتُ الضَّمِيرِ إِلَى تَحْرِيكِ الْجَوَارِحِ إِلَّا بِالتَّحْصِيلِ وَالتَّمْيِيزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]، وَلِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: ٦١]، فَإِذَا انْتَصَبَتِ الْمُرَاقَبَةُ بِدَوَامِ انْتِصَابِ الْقُلُوبِ بِهَا فَهُنَالِكَ يَكُونُ تَمَامُ الْإِخْلَاصِ وَالْحَيْطَةِ فِي الْعَمَلِ وَهُنَالِكَ يوَرِّثْهُمُ اللَّهُ الْحَيَاءَ فَدَوَامُ الْمُرَاقَبَةِ يُفْشِي الْحَيَاءَ وَيَمُدُّهُ وَيَزِيدُ فِيهِ، وَالْحَيَاءُ يَعْمَرُ الْقُلُوبَ بِدَوَامِ الطَّهَارَةِ وَيُخْرِجُ مِنَ الْقُلُوبِ حَلَاوَةَ الْمَاءِ ثُمَّ حَلَاوَةَ الشَّهَوَاتِ، وَدَوَامُ الْحَيَاءِ يُوجِبُ عَلَى الْقُلُوبِ إِعْظَامَ حُرُمَاتِ اللَّهِ بِإِعْظَامِ مَقَامَ اللَّهِ حَيَاءً مِنْ جَلَالِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ إِجْلَالَ حُرُمَاتِ اللَّهِ فِي الْقُلُوبِ غَاسِلٌ لِلْقُلُوبِ بِمَاءِ الْحَيَاةِ الْوَارِدِ عَلَيْهَا مَنْ فَوَائِدِ اللَّهِ فَتَخْلُقُ الدُّنْيَا في قُلُوبِهِمْ وَتَصْغُرُ الْأَشْيَاءُ فِيهَا وَتَقْوَى حَرَكَاتُ الْيَقِينِ بِصَفَاءِ النَّظَرِ إِلَى الْمَوْعُودِ فَيُوصِلُهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا الْيَقِينُ بِالتَّوْبِيخِ فِي إِعْظَامِ الدُّنْيَا وَالسَّعْيِ لَهَا وَلِجَمْعِهَا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute