للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ، يَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ حَدَّ الشُّكْرِ، فِي الْقُلُوبِ خَارِجٌ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالْفَرَحِ عَلَى النِّعَمِ وَالِاشْتِغَالِ بِبَهْجَتِهَا بِمَا يَغْلِبُ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ شَرِّهَا عَلَيْهَا وَعَظِيمِ حَظِّهَا فِيهَا فَالشُّكْرُ خَارِجٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا مَا حَلَّ بِالْقُلُوبِ زَهَرَاتُ النِّعَمِ وَرَوْنَقُ صَفْوِهَا وَخَفْضُ الْعَيْشِ فِيمَا هَاجَ فِي الْقُلُوبِ ⦗٢٩٦⦘ ذَكَرَ الْمُنْعِمَ بِهَا وَالْمُتَوَلِّي لِلِامْتِنَانِ بِهَا فَاتَّصَلَ فَرَحُهُمْ بِشُكْرِهِ وَأَوْصَلَتْهُمُ النِّعْمَةُ إِلَى الِابْتِهَاجِ بِالْمُنْعِمِ وَالذِّكْرِ لَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، فَهَذَا حَدُّ الشُّكْرِ فِيمَا ذَاقَتْهُ الْقُلُوبُ، فَلَمَّا صُرِفَتِ الْأَفْرَاحُ عَنْ حُظُوظِ النُّفُوسِ، إِلَى مَوَاضِعِ الشُّكْرِ ابْتِهَاجًا بِالْمُنْعِمِ دُونَ حَظِّ النُّفُوسِ بِالنِّعْمَةِ، خَلُصَتْ تِلْكَ الْأَفْرَاحُ رِضَاءً عَنِ اللَّهِ، وَبَشَاشَةُ الْقُلُوبِ لِمَا يَرْضَاهُ، وَاخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ بِمُخَالَفَةِ الْمَحَابِّ، وَالسُّرُورُ بِمُرِّ الْقَضَاءِ وَيَكُونُ السُّرُورُ مَقْرُونًا بِالْمَحَبَّةِ لِلَّهِ الَّتِي هِيَ مَعْقُودَةٌ فِي عُقُودِ الْإِيمَانِ وَمَوْجُودَةٌ فِي أَصْلِ الْعِرْفَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِثَلَاثِ حَالَاتٍ: إِخْلَاصٌ لِتَوْحِيدِهِ، وَرِضًا بِهِ أَنَّهُ رَبٌّ، وَمَحَبَّةً لَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، إِذْ هُوَ إِلَهُهُ وَمَالِكُ ضُرِّهِ وَنَفْعِهِ وَرَفْعِهِ وَوَضْعِهِ وَحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ، فَوَلِهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْهِ بِضُرِّ الْفَاقَةِ فَهَذَا مَعْنَى الْمَحَبَّةِ الْمُفْتَرَضَةِ فِي عُقُودِ الْإِيمَانِ كَفَرْضِ الْإِيمَانِ " قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، حُظُوظُهُ فِي فُنُونِ الْعِلْمِ غَزِيرَةٌ وَتَصَانِيفُهُ بِالْمَسَانِيدِ وَالرِّوَايَاتِ شَهِيرَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>