وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ» قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا؛ لِأَحْفَظَهُ عَنْكَ، قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُدْرِكْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لِي مَعَهُ صُحْبَةٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا رَأَوْهُ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ حَدِيثِهِ كَبَعْضِ مَا يَبْلُغُكُمْ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا أَوْ مُفْتِيًا فِي نَفْسِي شُغُلٌ» قَالَ: قُلْتُ: فَاتْلُ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسْمَعْهُنَّ مِنْكَ، فَادْعُ اللهَ لِي بِدَعَوَاتٍ وَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي وَجَعَلَ يَمْشِي عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، ثُمَّ قَالَ: " قَالَ رَبِّي وَأَحَقُّ الْقَوْلِ قَوْلُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ حَدِيثُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُ رَبِّي: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} [الدخان: ٤٠] قَالَ: ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً فَأَنَا أَحْسِبُهُ، قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ: {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الدخان: ٤٢] " ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ، مَاتَ أَبُوكَ وَيُوشِكُ أَنْ تَمُوتَ وَمَاتَ أَبُو حَيَّانَ وَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَاتَ آدَمُ وَمَاتَتْ حَوَّاءُ، يَا ابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، يَا ابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ مُوسَى نَجِيُّ الرَّحْمَنِ، يَا ابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، يَا ابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ وَمَاتَ أَخِي وَصَدِيقِي وَصَفِيِّي عُمَرُ، وَاعُمَرَاهُ وَاعُمَرَاهُ» قَالَ: وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ إِنَّ عُمَرَ لَمْ يَمُتْ قَالَ: «بَلَى إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ نَعَاهُ لِي وَقَدْ عَلِمْتُ مَا قُلْتُ، وَأَنَا وَأَنْتَ غَدًا فِي الْمَوْتَى»، ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ ثُمَّ قَالَ: «هَذِهِ وَصِيَّتِي لَكَ يَا ابْنَ حَيَّانَ، كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَعْيُ الصَّالِحِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالصَّالِحِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَنَعَيْتُ لَكَ نَفْسِي فَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يُفَارِقَ قَلْبَكَ طَرَفَةَ عَيْنٍ فَافْعَلْ، وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ وَاكْدَحْ لِنَفْسِكَ وَإِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَ الْجَمَاعَةَ فَتُفَارِقَ دِينَكَ وَأَنْتَ لَا تَشْعُرُ، فَتَمُوتَ فَتَدْخُلَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فِيكَ وَزَارَنِي مِنْ أَجَلِكَ فَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ زَائِرًا فِي الْجَنَّةِ دَارِ السَّلَامِ، وَأَرْضِهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ وَمَا أَعْطَيْتَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا فِي يَسِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute