للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحيى، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَمْرٍو، - وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ - قَالَ: كَتَبَ سُفْيَانُ إِلَى عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ: أَمَا بَعْدَ فَإِنَّكَ فِي زَمَانٍ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُونَ أَنْ يُدْرِكُوهُ وَلَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ لَنَا، وَلَهُمْ مِنَ الْقِدَمِ مَا لَيْسَ لَنَا فَكَيْفَ بِنَا حِينَ أَدْرَكْنَاهُ عَلَى قِلَّةِ عِلْمٍ وَقِلَّةِ صَبْرٍ وَقِلَّةِ أَعْوَانٍ عَلَى الْخَيْرِ وَفَسَادٍ مِنَ النَّاسِ وَكَدَرٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَعَلَيْكَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ، وَعَلَيْكَ بِالْخُمُولِ فَإِنَّ هَذَا زَمَنُ خُمُولٍ، وَعَلَيْكَ بِالْعُزْلَةِ وَقِلَّةِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ فَقَدْ كَانَ النَّاسُ إِذَا الْتَقَوْا يَنْتَفِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَأَمَّا الْيَوْمُ فَقَدْ ذَهَبَ ذَاكَ وَالنَّجَاةُ فِي تَرْكِهِمْ فِيمَا نَرَى، وَإِيَّاكَ وَالْأُمَرَاءَ أَنْ تَدْنُو مِنْهُمْ وَتُخَالِطُهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ فَيُقَالَ لَكَ تَشْفَعُ وَتَدْرَأُ عَنْ مَظْلُومٍ أَوْ تُرَدَّ مَظْلِمَةً فَإِنَّ ذَلِكَ خَدِيعَةُ إِبْلِيسٍ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَهَا فُجَّارُ الْقُرَّاءِ سُلَّمًا، وَكَانَ يُقَالُ: اتَّقُوا فِتْنَةَ الْعَابِدِ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ الْفَاجِرِ فَإِنَّ فِتْنَتَهَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ ⦗٣٧٧⦘ مَفْتُونٍ، وَمَا لَقِيتَ مِنَ الْمَسْأَلَةِ وَالْفُتْيَا فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَلَا تُنَافِسْهُمْ فِيهِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ كَمَنْ يُحِبُّ أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِهِ أَوْ يُنْشَرَ قَوْلُهُ أَوْ يُسْمَعَ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِذَا تَرَكَ ذَاكَ مِنْهُ عُرِفَ فِيهِ، وَإِيَّاكَ وَحُبَّ الرِّيَاسَةِ فَإِنَّ الرَّجُلَ تَكُونُ الرِّيَاسَةُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهُوَ بَابٌ غَامِضٌ لَا يُبْصِرُهُ إِلَّا الْبَصِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ السَّمَاسِرَةِ، فَتَفَقَّدْ نَفْسَكَ وَاعْمَلْ بِنِيَّةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ دَنَا مِنَ النَّاسِ أَمْرٌ يَشْتَهِي الرَّجُلُ أَنْ يَمُوتَ وَالسَّلَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>