الْأَحْكَامِ وَهِيَ خَمْسُ مِائَةِ آيَةٍ، وَقَدْ يُمْكِنُ الْمُجْتَهِدَ أَنْ يَسْتَنْبِطَ أَحْكَامًا أُخَرَ مِنْ آيَاتٍ سِوَى هَذِهِ الْآيَاتِ وَاَللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ حِفْظُهَا بَلْ يَكْفِيه مَعْرِفَتُهَا إذَا رَجَعَ إلَيْهَا عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَحْكَامِ وَهِيَ إنْ كَانَتْ مَذْكُورَةً مَحْصُورَةً مُدَوَّنَةً فَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ حِفْظُهَا أَيْضًا بَلْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ مَعْرِفَتُهَا وَهِيَ كَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَسُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْأَحْكَامِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ حَتَّى لَا يَحْكُمَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ الْقِيَاسَ وَهُوَ الْأَصْلُ الرَّابِعُ مِنْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ، هَذِهِ جَمِيعُهُ فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ.
ثُمَّ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَطْلَقَهَا أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ خَلَى الْعَصْرُ عَنْ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ، قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الصَّحِيحُ صِحَّةُ وِلَايَةِ مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ الْقَاهِرُ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ لَكِنَّهُ يَعْصَى بِتَفْوِيضِ الْوِلَايَةِ إلَى الْفَاسِقِ وَالْجَاهِلِ، وَلَوْ وَلَّاهُ لَا بُدَّ مِنْ تَنْفِيذِ أَحْكَامِهِ لِلضَّرُورَةِ.
وَالْوِلَايَةُ تَنْعَقِدُ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ وَبِكِنَايَةٍ أَمَّا الصَّرِيحُ فَأَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ قَلَّدْتُكَ الْقَضَاءَ أَوْ وَلَّيْتُك أَوْ اسْتَخْلَفْتُك أَوْ اسْتَنَبْتُك، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ فَأَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ وَهِيَ اعْتَمَدْتُ عَلَيْكَ فِي الْقَضَاءِ أَوْ عَوَّلْتُ عَلَيْكَ أَوْ عَهِدْتُ إلَيْكَ أَوْ وَكَّلْتُ إلَيْك.
وَلَوْ تَحَاكَمَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ فِي مَالَ وَحَكَّمَاهُ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ خِلَافٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ قَاضٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الْمَدِينَةِ حَاكِمٌ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَزْلٌ لِلْحَاكِمِ وَافْتِيَاتٌ عَلَى الْإِمَامِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ إذَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى صِفَةٍ يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَوْلِيَتُهُ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute