رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي قَامَتْ بِأَمْرِهِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ لَقَدْ كَذَبَا عَلَيَّ وَمَا فَعَلَا ذَلِكَ إلَّا غَيْظًا فَاسْتَوَى مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ جَالِسًا وَكَانَ مُتَّكِئًا. وَقَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ الطَّيْرَ تَخْفِقُ بِأَجْنِحَتِهَا وَتَرْمِي مَا فِي حَوَاصِلِهَا لَا تَفْزَعُ إلَّا لِهَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ لَا تَنْفَكُّ قَدَمَاهُ حَتَّى يَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ، فَإِنْ كُنْتُمَا صَدَقْتُمَا فَأَثْبِتَا، وَإِنْ كَذَبْتُمَا فَغَطِّيَا رُءُوسَكُمَا وَاخْرُجَا، قَالَ: فَقَامَا وَغَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَخَرَجَا.
وَالْعَدْلُ فِي الشَّرِيعَةِ هُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْصَافٍ: الِاسْتِقَامَةُ فِي الدِّينِ وَالِاسْتِقَامَةُ فِي الْأَحْكَامِ وَالِاسْتِقَامَةُ فِي الْمُرُوَّةِ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ بِوُجُودِهَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ الْعَدَالَةُ وَيَسْتَحِقُّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ: أَحَدُهَا الْحُرِّيَّةُ وَالثَّانِي الْعَقْلُ وَالثَّالِثُ الْإِسْلَامُ وَالرَّابِعُ الْبُلُوغُ وَالْخَامِسُ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ وَالسَّادِسُ الْمُرُوَّةُ وَالسَّابِعُ التَّيَقُّظُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ، وَلَا مَنْ يُعْرَفُ بِكَثْرَةِ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ فَرُبَّ عَدْلٍ مُغَفَّلٍ كَثِيرِ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ لَا يَنْظُرُ لِحَقَائِق الْأَشْيَاءِ وَيَكْثُرُ سَبْقُهُ إلَى الِاعْتِقَادِ بِالتَّوَهُّمِ فَمِثْلُ هَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا فِي أَمْرٍ جَلِيٍّ يَسْتَقْصِي الْقَاضِي فِيهِ وَيُكْثِرُ فِيهِ مُرَاجَعَتَهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ صِحَّتُهُ وَسَقَمُهُ.
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ صَبِيٍّ وَقَبِلَ مَالِكٌ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ إذَا كَانُوا ذُكُورًا يَعْقِلُونَ الشَّهَادَةَ وَمَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِمْ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَقِيقٍ، وَلَا مَنْ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ الرِّقِّ وَقَبِلَهَا أَحْمَدُ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كَافِرٍ وَقَبِلَ أَبُو حَنِيفَةَ شَهَادَةَ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَجْنُونِ، وَلَا الْفَاسِقِ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي قَوْلِهِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute