هي الجد الأكبر لشكل من أشكال المقالات هو ذلك الذي يعرف باسم "المقال الحواري".
٧- بل ولماذا لا نعتبر كتابات "أرسطو" شكلا من أشكال "المقالات الفلسفية والنقدية" لا سيما تلك الكتابات التي أودع فيها آراءه النقدية التي ضمنها كتابيه "الشعر - الخطابة"؟ إلى جانب تناوله لبعض أسس العلوم الأخرى إلى حد اعتباره واضعها وهي هنا علوم "المنطق, الحيوان, النبات, ما وراء الطبيعة".. وعلى الأخص، وبما يشبه المقالات الحديثة، قيام هذه الكتابات على أساس من منهجه العام, منهج الاستنباط الذي ينتهي إلى قواعد عامة.
٨- وقد أشار إلى مثل هذه الكلمات ناقد متابع حين قال في كتاب له:" ... فكتاب العالم القديم مارسوا كتابة أشكال أدبية مشابهة لكنهم لم يطلقوا عليها اصطلاح مقالة, فمن الممكن أن يحتوي المفهوم العام للمقالة أشكال الحوار التي برع فيها أفلاطون والآراء التي عبرت عنها شخصيات ثيوفرا ستوس ورسائل بليني وسينكا وكتابات بلوتارك الأخلاقية ومجادلات شيشيرون وتأملات ماركوس أوريليوس وأبحاث أرسطو الفلسفية وغير ذلك من الكتابات التي تدور حول موضوع محدد وذات طول معتدل١.
٩- على أن مؤرخ "فنون المقال" عامة، والصحفي خاصة، لا بد له من التوقف مرة أخرى عند عدد من "المقدمات" ذات الأطر والموضوعات الأدبية العربية، خاصة تلك التي سادت خلال "العصر العباسي" سواء ما يتصل بألوان وأغراض وأساليب الكتابة الفنية "الإنشائية" التي سادت في صدر الدولة، أو ما يطلق عليه مؤرخو الأدب "العصر العباسي الأول" بمدرسته الأولى النثرية التي تزعمها "ابن المقفع" أو مدرسته الثانية التي تزعمها "الصحفي الأول" وأعني به هنا الجاحظ، أو بالنسبة لألوان الكتابة التي سادت "العصر العباسي الثاني" لا سيما كتابات "عبد الحميد" وابن العميد، ولكل منهما مدرسته العلمية الكتابية المكملة للأخرى، والتي قيل عنها ضمن ما ذكرته كتب الأدب العربي: