للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- المقال النقدي: ولكن النقد هنا لا يطغى عليه المعنى العلمي١ الذي يركز على تطور الأنواع الأدبية كما نادى بذلك أول من نادى الفرنسي "فردينان برونتير" وهي النظرية التي حاربها جمهور النقاد والأدباء أنفسهم بعد ذلك, وليس هو أيضا النقد التاريخي٢ الذي يهدف إلى "تفسير الظواهر الأدبية والمؤلفات وشخصيات الكاتب فهو يعنى بالفهم والتفهيم أكثر من عنايته بالحكم والمفاضلة"٣, وليس هو كذلك النقد اللغوي الذي يعنى بصحة اللغة وجمال الأسلوب وصدق التعبير وإتقان الكتابة وأحكام الصنعة, أو في أسلوب آخر إن المقال النقدي لا يشمل هنا النقد بمعناه الضيق الذي يعني فقط: "تحليل القطع الأدبية وتقدير ما لها من قيمة فنية"٤, أو الحكم على البرنامج أو مجموع البرامج أو الفيلم أو المسرحية أو الكتاب أو الدراسة، وإظهار ما له، وما عليه، وما يتفرع عن ذلك كله من ملاحظات وآراء وأحكام ونتائج مختلفة, وإنما يعنى النقد هنا أكثر من ذلك كله، ويضيف إلى هذه المفاهيم السابقة، نقد كل ما يقع تحت سمع وبصر الكاتب من شخصيات وأفكار وآراء واتجاهات ومواقف ومشاهد ولوائح وقوانين وأحزاب وما إليها.

فالهجوم على فريق رياضي بمناسبة نتائجه السيئة هو نقد، وليس ضروريا أن يتم ذلك بمعرفة المحرر أو الناقد الرياضي، وبيان ما للائحة العاملين الجديدة من مزايا وما بها من ثغرات هو نقد أيضا، والهجوم على بعض رؤساء الأحياء غير النظيفة والدعوة إلى مكافأة غيرهم هو نقد أيضا, وهكذا تتسع الدائرة، ويصبح الكاتب بحق، لسان مجتمعه المؤيد والمعارض معا.

٥- المقال الفكاهي: وهو من أبرز أنواع مقالات اليوميات الصحفية وأقربها إلى قلوب القراء، وصحيح أنه مقال قريب الشبه جدا بالمقال السابق "النقدي" وإلى حد اعتبار بعض المؤلفين لهما على أنهما نوعية واحدة، ولكننا -في واقع الأمر- نميل إلى الفصل بين النقد "الجاد" للائحة أو قانون أو حزب أو كتاب، حتى وإن ارتفع صوت ناقده وإن وردت خلال مقاله عدة كلمات ساخرة, نميل إلى الفصل


١ "Critique Scientifque".
٢ "Critique Historique".
٣ محمد مندور: "في الأدب والنقد" ص٢٠.
٤ شوقي ضيف: "النقد" ص٩.

<<  <   >  >>