للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليست فتحة إعراب, وإنما هي فتحة بناء لإضافتها إلى مبني. وقد اندفع في هذا الحكم تمشيا مع قاعدته التي أشرنا إليها في الفصل الماضي، وهي أنه قد يحذف الفاعل مع الفعل، وكأنه لم يلاحظ في مثل: "ما قام إلا محمد" ما لاحظه البصريون وجمهور الكوفيين من أن الفاعل مذكور بعد إلا, وأن الاستثناء مفرغ. وربما كان أشد في الغرابة أنه أعرب لفظة محمد في حالة الرفع بدلا من الفاعل المحذوف١.

وجوز النحاة في التمييز توسطه بين الفعل ومرفوعه مثل: "طاب نفسا محمد", أما تقدمه على معموله مثل: "نفسا طاب محمد" فمنعه سيبويه وجمهور البصريين وجوزه الكسائي وتبعه في ذلك المازني والمبرد؛ لوروده على لسان بعض الشعراء في قوله:

أتهجر سلمى بالفراق حبيبها ... وما كان نفسا بالفراق تطيب

واحتج البصريون بأن ذلك لم يرد في نثر، وإنما جاء على لسان الشاعر ضرورة، ولا يحتج بالضرورة لأنها تبيح ما لا يباح٢.

وكان سيبويه يذهب هو وجمهور البصريين إلى أن "حيث" تلزم الإضافة إلى جملة اسمية أو فعلية, وأنه لا يجوز إضافتها إلى المفرد، وذهب الكسائي إلى جواز ذلك، بل جعله قياسيا لقول بعض الشعراء:

ونطعنهم تحت الحبا بعد ضربهم ... ببيض المواضي حيث ليّ العمائم٣

وقول آخر:

أما ترى حيث سهيلٍ طالعا ... نجما يضيء كالشهاب لامعا

والبصريون يجعلون ذلك من النادر الذي لا يصح أن يتخذ منه القياس والأحكام النحوية الكلية العامة٤.


١ الهمع ١/ ٢٢٣.
٢ الإنصاف: المسألة رقم٢٠, والهمع ١/ ٢٥٢, وابن يعيش ٢/ ٧٣.
٣ تحت الحبا: في أوساطهم.
٤ المغني ص١٤١, والهمع ١/ ٢١٢.

<<  <   >  >>