للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} , ويقول بعض الشعراء:

بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى ... وصورتها أو أنت في العين أملح١

وذهب جمهور البصريين إلى أن الذي تكون دائما اسما موصولا، بينما ذهب الفراء مع يونس إلى أنها قد تكون موصولا حرفيا أو حرفا موصولا، يريد أنها تكون مصدرية مثل ما المصدرية، يقول تعليقا على الآية الكريمة: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} : "إن شئت جعلت الذي على معنى "ما" تريد: "تماما على ما أحسن موسى", فيكون المعنى: تماما على إحسانه", وتلا ذلك بتوجيه أنه يجوز أن تكون اسما موصولا سواء قرئت "أحسن" بالنصب على أنها فعل والعائد محذوف، أو فرئت بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: "الذي هو أحسن"٢. وكان البصريون يذهبون إلى أن لو تكون شرطية دائما، وقدروا في مثل قوله تعالى: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} أن جوابها محذوف يدل عليه ما قبلها، والتقدير: يود أحدهم التعمير لو يعمر ألف سنة لسره ذلك, وهو تكلف واضح في التقدير. وذهب الفراء إلى أنها تأتي شرطية، وقد تأتي حرفا مصدريا، مثل أن المصدرية تماما، فتؤول مع ما بعدها بمصدر يعرب حسب العوامل، ويقع ذلك غالبا بعد وَدّ ويَودّ مثل "يود لو رآك" أي: يود رؤيتك، وقد تأتي بدونهما كقول الأعشى:

وربما فات قوما جُنّ أمرهم ... من التأني وكان الحزم لو عجلوا٣

وكان سيبويه يذهب إلى أن العامل في كلمة اليوم من مثل: "أما اليوم, فإني ذاهب" هو أما؛ لما فيها من معنى الفعل، وذهب الفراء إلى أن العامل خبر إن٤. وكان البصريون يعربون "غير" في الاستثناء إعراب ما بعد إلا، وذهب الفراء إلى أنها مبنية في الاستثناء لقيامها مقام إلا٥.

ومن يرجع إلى توجيهه للإعراب في الآيات القرآنية, يرى نفسه أمام ذهن


١ معاني القرآن ١/ ٧٢، وانظر ٢/ ٣٩٣.
٢ معاني القرآن ١/ ٣٦٥، والهمع ١/ ٨٣.
٣ معاني القرآن ١/ ١٧٥، والمغني ص٢٩٣ وما بعدها، والهمع ١/ ٨١.
٤ المغني ص٦٠.
٥ الرضي ١/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>