للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

برأي الزجاج في أن مثل: "أكرمْ بزيد" أمر على حقيقته لكل أحد أن يصف زيدا بالكرم والباء زائدة، وكان سيبويه يذهب إلى أن الفعل في مثل هذه الصيغة ماضٍ أخرج بلفظ الأمر والباء زائدة مثلها في {كَفَى بِاللَّهِ} ١. وعلى شاكلة أضرابه من البغداديين كان يختار رأي الكوفيين أحيانا في بعض المسائل، من ذلك أنه زاد معهم في الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل فعل حدَّث كقول الحارث بن حلزة اليشكري:

إن منعتم ما تسألون فمن حُـ ... ـدِّثْتموه له علينا العلاء٢

ومما اختاره من مذهبهم جواز أن يكون البدل والمبدل منه نكرة كما قوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} , وقوله: {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} ٣. واختار -على غرارهم- أن تكون جملة البسملة متعلقة بفعل محذوف تقديره: أقرأ لا باسم كما ذهب البصريون٤. واختار مثلهم أن تكون أن وما بعدها في مثل: "لو أنك جئت" فاعلا لفعل محذوف تقديره: ثبت؛ لأن لو تتطلب أن يتلوها فعل٥. ومما وافق فيه أبا علي الفارسي أن ما في مثل: "نعما محمد" نكرة تامة منصوبة على التمييز٦، وأن الجملة تنقسم إلى اسمية وفعلية وشرطية وظرفية. واعترض ابن يعيش على هذا التقسيم؛ لأن الجملة الشرطية ترد إلى الفعلية لأنها تتألف من فعل الشرط وفعل الجواب، وكذلك الظرفية لأنها تقدر متعلقة بفعل٧. ومما وافق الفارسي فيه أن الباء إنما تزاد مع ما الحجازية العاملة ولا تزاد مع ما التميمية المهملة، فمثل: ما محمد بقائم يتحتم أن تكون ما فيها حجازية٨. ووافق ابن جني في مجيء أنْ ظرفية على غرار ما الزمانية مثل: "جئتك أن تصلي العصر" أي: زمن صلاة العصر، وخرج الزمخشري على هذا المعنى قول جل شأنه: {أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} أي: وقت أن آتاه٩. ووافقه أيضا في أن الجملة تبدل من المفرد، كما جاء في قول بعض الشعراء:


١ ابن يعيش ٧/ ١٤٧.
٢ ابن يعيش ٧/ ٦٥.
٣ ابن يعيش ٣/ ٦٨, والمغني ص٥٠٨، والهمع ٢/ ١٢١.
٤ المغني ص٤٢٣ وما بعدها.
٥ ابن يعيش ١/ ٨١, والمغني ص٢٩٩، والهمع ١/ ١٣٨.
٦ ابن يعيش ٧/ ١٣٤، وانظر المغني ص٣٢٨، والهمع ١/ ٢٥٠.
٧ ابن يعيش ١/ ٨٨.
٨ المغني ص٦١٩.
٩ المغني ص٧٥٦، والهمع ١/ ٨٢.

<<  <   >  >>