للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأندلسيين وفي طائفة أخرى يستقل عنهم جميعا، فمن ذلك استظهاره أن تكون "حتى" الناصبة للمضارع مرادفة أحيانا لإلا، أخذا من قول سيبويه في تفسير "والله لا أفعل إلا أن تفعل": المعنى: حتى أن تفعل١. ومن ذلك موافقته الكوفيين في تثنية المركب المزجي مثل بعلبك وجمعه٢. وكان يتفق مع الشلوبين في أن "لو" الشرطية لا تدل على امتناع الشرط ولا امتناع الجواب، إنما تدل على التعليق في الماضي كما دلت "إن" على التعليق في المستقبل٣. وكان يذهب إلى أن لو التي للتمني في مثل: "لو تأتيني فتحدثني" ليست شرطية، وإنما هي قسم برأسها ولا تحتاج إلى جواب كجواب الشرط، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب ليت٤. وذهب إلى أن "حتى العاطفة" يتحتم أن يكون معطوفها ظاهرا لا مضمرا كما أن ذلك شرط مجرورها٥. وكان يرى أن ما في "لا سيما" زائدة لازمة لا تحذف ألبتة٦. وحري بنا الآن أن نخص نحويين كبيرين هما ابن مضاء وابن عصفور بكلمتين أكثر تفصيلا.

ابن ٧ مضاء:

هو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مضاء اللخمي القرطبي المتوفى سنة ٥٩٢ للهجرة، أخذ عن ابن الرماك كتاب سيبويه، وكان حجة في الفقه الظاهري والحديث النبوي، فولاه الموحدون قضاء فاس، ثم ولوه قضاء الجماعة، وكان طبيعيا أن يحمل حملتهم على أصحاب المذاهب الفقهية: المالكية والحنفية والشافعية والحنبلية لما ملئوا به كتبهم من فروع، بل لقد تحولوا بحملتهم إلى ما يشبه ثورة عنيفة. فإذا هم يأمرون بإحراق كثير من تلك الكتب وحمل الناس في دولتهم بالمغرب والأندلس على المذهب الظاهري الذي يرفض


١ المغني ص١٣٤.
٢ الهمع ١/ ٤٢.
٣ المغني ص٢٨٣, والهمع ٢/ ٦٥.
٤ المغني ص٢٩٥.
٥ المغني ص١٣٥.
٦ الهمع ١/ ٢٣٤.
٧ انظر في ترجمة ابن مضاء: الديباج المذهب لابن فرحون ص٤٧, والتكملة لابن الأبار رقم ٢٣٤، وبغية الملتمس للضبي ص١٩٢، وروضات الجنات ص٨٢, وبغية الوعاة ص١٣٩.

<<  <   >  >>