للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يريد: أن حذف الفعل مع المصادر أو المفاعيل المطلقة كحذفه مع المفعول به. وكان يذهب إلى أن مثل حَنَانيك ولبيك وسعديك مفعولات مطلقة لفعل محذوف، وقد صيغت على التثنية قصدا للتكثير، فمعنى حنانيك مثلا: تحنُّنا بعد تحنن١. وعلى نحو ما يحذف الفعل, تحذف أن المصدرية بعد اللام الداخلة على المضارع المنصوب هي أخواتها: حتى وأو والواو والفاء. وكان يطرد ذلك في إذن خلافا لجمهور النحاة بعده وفي مقدمتهم تلميذه سيبويه، إذ قالوا: إنها تنصب المضارع أحيانا بنفسها مثل أن ولن، وليست بمنزلة اللام وحتى٢. وتحذف حروف الجر أحيانا وهي تحذف قياسا مع أنّ وأنْ وصلتهما في مثل قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} وقولك: "أرغب أن أراك" فالتقدير: شهد الله بأنه، وأرغب في أن أراك أو عن أن أراك. وكان الخليل يذهب إلى أنهما وصلتهما منصوبان على تقدير نزع الخافض٣. وسأله سيبويه عن قوله جل ذكره: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} فقال: إنما هو على حذف اللام كأنه قال: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون، وأن وصلتها منصوبان على نزع الخافض٤.

وعلى نحو ما تحذف العوامل تحذف المعمولات، فالخبر قد يحذف، ويكثر حذف المفعول به إذا قامت قرينة كآيات سورة الضحى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى، وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى، وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} . ومما يطرد فيه الحذف ضمير الشأن إذا كان اسما لإن وكأن ولكن وأن، قال سيبويه: "روى الخليل أن ناسا يقولون: إن بك زيدٌ مأخوذ، وقال: هذا على قوله: إنه بك زيد مأخوذ, وشبهه بما يجوز في الشعر نحو قول ابن صريم اليشكري:

ويوما توافينا بوجه مقسم٥ ... كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم

وقول الآخر:

ووجه مشرق النحر ... كأن ثدياه حقان


١ الكتاب ١/ ١٧٤.
٢ الكتاب ١/ ٤١٢.
٣ المغني ص٥٨٠.
٤ الكتاب ١/ ٤٦٤.
٥ مقسم: جميل القسمات. تعطو إلى: تتناول. السلم: شجر.

<<  <   >  >>