للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمُنْذر. وَبلغ رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ. وَفَاتَهُ أَبُو سُفْيَان وَالْمُشْرِكُونَ، وَقد طرحوا سويقا١ كثيرا من أَزْوَادهم، يتخففون بذلك، فَأَخذه الْمُسلمُونَ، فسميت غَزْوَة السويق: وَكَانَ ذَلِك فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة بعد بدر بشهرين٢ وَأَيَّام.

قَالَ المُصَنّف رَضِي اللَّه عَنهُ:

ولعمر، رَضِي اللَّه عَنهُ، حَدِيث حسن فِي غَزْوَة قرقرة الكدر٣، يُقَال إِن عمرَان بْن سوَادَة قَالَ لَهُ وَهُوَ خَليفَة: إِن رعيتك تَشْكُو مِنْك عنف السِّيَاق وقهر الرّعية، فدق على الدرة وَجعل يمسح سيورها، ثمَّ قَالَ: قد كنت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قرقرة الكدر، فَكنت أرتع فأشبع وأسقي فأروى، وَأكْثر الزّجر، وَأَقل الضَّرْب، وَأَرُدُّ الْعَنُودَ، وَأَزْجُرُ الْعَرُوضَ، وأصم اللَّفُوتَ، وَأَسِمُ بالعصا، وأضرب بِالْيَدِ، وَلَوْلَا ذَلِك لأعذرت أَي تركت، فضيعت. يذكر حسن سياسته حِينَئِذٍ. والعنود: الحائد. وَالْعرُوض: المستصعب من الرِّجَال وَالدَّوَاب. والقرقرة: الأَرْض الواسعة الملساء. والكدر: طيور غُبْرٌ كَأَنَّهَا القطا.

غَزْوَة ذِي أَمر ٤

وَأقَام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ بَقِيَّة ذِي الْحجَّة، ثمَّ غزا نجدا يُرِيد غطفان، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة عُثْمَان بْن عَفَّان، فَأَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَجْد صفرا كُله، ثمَّ انْصَرف، وَلم يلق حَربًا.


١ السويق: مطحون الْحِنْطَة أَو الشّعير.
٢ كَانَت هَذِه الْغَزْوَة لخمس خلون من ذِي الْحجَّة من السّنة الثَّانِيَة لِلْهِجْرَةِ.
٣ كَلَام المُصَنّف التَّالِي عَن غَزْوَة قرقرة الكدر سَاقِط من ر، وَلم يفرد ابْن عبد الْبر لهَذِهِ الْغَزْوَة كلَاما مُتَابعًا فِي ذَلِك ابْن هِشَام وَكَأَنَّهُ يَجْعَلهَا نفس غَزْوَة السويق الَّتِي بلغ فِيهَا الرَّسُول قرقرة الكدر، وَكثير من أَصْحَاب السّير يجعلهما غزوتين، أما غَزْوَة السويق فَفِي ذِي الْحجَّة كَمَا سلف، وَأما غَزْوَة قرقرة الكدر فَفِي نصف الْمحرم على رَأس ثَلَاثَة وَعشْرين شهرا من الْهِجْرَة. وقرقرة الكدر: على بعد ثَمَانِيَة برد من الْمَدِينَة، وَرُبمَا سميت غَزْوَة بني سليم باسمها كَمَا صنع ابْن هِشَام إِذْ سَمَّاهَا غَزْوَة الكدر.
٤ انْظُر فِي غَزْوَة ذِي أَمر ابْن هِشَام ٣/ ٤٩ والواقدي ١٩٢ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٢٤ والطبري ٢/ ٤٨٧ وَابْن حزم ص١٥٣ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٢٠٣ وَابْن كثير ٤/ ٢ والنويري ١٧/ ٧٧ والسيرة الحلبية ٢/ ٢٧٩ وَقَالَ ابْن سعد: ذُو أَمر: مَوضِع بِنَاحِيَة النخيل. وَتسَمى فِي بعض كتب السّير: غَزْوَة غطفان. وَقيل: كَانَت فِي الْمحرم. وَقيل: بل فِي ربيع الأول. وَيظْهر أَن الرَّسُول خرج فِي أَوَاخِر الْمحرم وَعَاد فِي أَوَائِل ربيع الأول. وَكَانَ سَببهَا أَن الرَّسُول علم أَن بعض عشائر غطفان تجمعت لغزو الْمَدِينَة.

<<  <   >  >>